مطلقًا، والتفصيل، هذه المسألة أكثر أهل العلم يقولون: إنه إذا أسقط الشريك الشفعة وقال: ليس لي فيه غرض فإنه تثبت له الشفعة بعد البيع، وعللوا ذلك بأن إسقاطها قبل البيع إسقاط للشيء قبل وجود سببه فلا يثبت، والقول الثاني: أن استحقاقه للشفعة يسقط، قالوا: لأن هذا هو الفائدة من عرضه على الشريك، وهذا القول هو الذي قواه الشارح صاحب سبل السلام على أنه إذا أسقط حقه من الشفعة فليس له أن يشفع بعد ذلك، ويمكن أن يقال: يفرق بين أن يقول: ليس فيه رغبة وبين أن يقول: الآن ما لي رغبة، لكن لما باعه ندم وأخذ بالشفعة بخلاف ما إذا قال: أنا مسقط للشفعة، فهذا صريح في أن الرجل أسقط حقه وحينئذ لا يعود حقه.
ومن فوائد الحديث: أن الشفعة لا تكون إلا في البيع؛ لقوله:«لا يحل أن يبيع حتى يعرض على شريكه» وبناء على هذا لو وهب أحد الشريكين نصيبه لشخص فليس للشريك الشفعة؛ لأن الحديث يقول:"لا يحل له أن يبيع" وهذا ليس بيعًا، ولكن بعض أهل العلم يقول: بل تثبت الشفعة حتى في الهبة؛ لأن الضرر الحاصل بالشريك الجديد لا فرق فيه بين أن يكون الانتقال بهبة أو بغير هبة، ولكن يقدر الشقص بقيمة ويرجع الموهوب له بهذه القيمة على الشريك، فيقال مثلاً: هذا النصيب المبيع يساوي مائة ألف وهو قد آتاك مجانًا بدون شيء فعلى الشريك أن يدفع لك مائة ألف، وهذا القول أصح أي: أن الشفعة تثبت في كل انتقال اختياري، أما إذا كان الانتقال غير اختياري - كما لو مات أحد الشريكين وانتقل النصيب إلى ورثته - فإنه ليس للشريك أن يشفع؛ لأن هذا انتقال اضطراري وليس باختياره، إذا انتقل بإجارة مثل أن يقوم بين اثنين حوض كبير يؤجرانه للبضائع أو للورش أو ما أشبه ذلك فأجر أحد الشريكين نصيبه لشخص ثالث فهل لشريكه أن يشفع ويقول: أنا أحق بالإجازة؟ فنقول: من خصه بالبيع لم يثبته في الإجارة؛ لأن الإجارة انتقال المنفعة لمدة معلومة، والبيع يخالف الإجارة من وجهين: أولاً: أن البيع انتقال العين بمنافعها، والثاني: أن البيع مؤبد والإجارة مؤقتة، فحتى لو حصل فيها ضرر فالضرر مؤقت سنة أو سنتين ثم يزول، ولكن الذي يظهر أن الإجارة تثبت فيها الشفعة لأن الضرر حاصل، وإن كان نسبة الضرر بالنسبة للإجارة أقل بكثير من نسبة البيع، لكن يقال: أن النزاع سيحصل حتى في الإجارة، ويكون تقييد المسألة بالبيع في الحديث بناء على الأغلب؛ لأن كون أحد الشريكين يؤجل نصيبه مع بقاء الملك، هذا قليل، والحديث بناء على