للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حديث جابر، أنه ينتظر بها ويمهل؛ لأن الإنسان قد لا يستوعب النظر في الأخذ بالشفعة في حال علمه بالبيع، لاسيما إذا كان العقار كبيرًا والثمن كثيرًا؛ لأنه محتاج إلى نظر وترو، وهذا القول هو الذي يدل عليه الحديث وهو الصحيح، والقول الثاني: أن لشفعة لابد أن تكون فورية؛ يعني: على الفور، فإن لم يطالب بها على الفور فإنها تسقط، واستدل أصحاب هذا القول بقول المؤلف:

٨٦٤ - وعن ابن عمر رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الشفعة كحل العقال». رواه ابن ماجه والزار، وزاد: «ولا شفعة لغائب» وإسناده ضعيف.

هذا الحديث: «الشفعة كحل العقال» أي عقال؟ عقال البعير؛ لأنه هو الذي يحل، وحل عقال البعير إذا أراد الإنسان أن يحله لا يحتاج إلى مدة؛ لأنه لا يعقد وإنما يجعلونه نشيطًا يعني: ينشط نشطًا بحيث إذا جذبته انحل، هذا العقال ينحل بسرعة، فالحديث يدل على أنه لابد من المبادرة ولا شفعة لغائب، وظاهره وإن لم يعلم بالبيع، وهذا الحديث - كما ترون - ضعيف السند شاذ المتن، ضعف السند حكم به المؤلف والشذوذ في المتن؛ لأنه قال: «ولا شفعة لغائب» والحديث الذي قبله أصح منه، قال: «ينتظر بها وإن كان غائبًا»، وعلى هذا فيكون الحكم المستفاد من هذا الحديث حكمًا باطلاً ضعيفًا لا يعتمد، والشفعة كغيرها من حقوق الإنسان لا تسقط إلا بما يدل على إسقاطه إياها بالقول أو بالفعل.

ولكن إذا قال قائل: إلى متى؛ لأن المشتري يقول: أخبرني هل أنت تريد الشفعة فخذ مالك وأعطني الدراهم أو لا تريد فدعني أتصرف؟

نقول: إذا طالب المشتري بيان الحال وقال للشريك: أعلمني بماذا تريد فإنه يجبر الشريك على أن يأخذ أو يدع، ويمهل المدة - إذا طلب الإمهال - التي يمكنه أن يتروى فيها وينظر، فإذا قدرنا أن هذا الشريك باع نصيبه بخمسمائة ألف وجاء المشتري وقال: تأخذ بالشفعة قال: أنظرني حتى أرى هل أنا سأحصل خمسمائة ألف أو لا أحصل، هل إنه من المصلحة أن آخذ بالشفعة أو لا؟

ففي هذه الحال نقول له: حق يمهل لا دائمًا، ولكن المدة التي لا يتضرر فيها المشتري، ويقال لابد أنه يمهل.

خلاصة هذا الباب: أن الشفعة ثابتة في كل شيء مشترك.

<<  <  ج: ص:  >  >>