للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن فوائد الحديث: أن الأشياء التي لا صنع للآدمي فيها، وإنما هي من فعل الله يكون الناس فيها شركاء؛ لأن الناس كلهم عند الله سواء، فما دام الله تعالى لما قد أخرج هذا لعباده ينتفعون به، فإن الناس فيه سواء، ولا يمكن أن يختص به أحد دون الآخر.

ومن فوائد الحديث: أنه لا يجوز أن يخصص أحد بهذه الأشياء المشتركة، فلا يجوز حتى للإمام أن يقول لشخص من الناس: لك كلأ هذه الأرض دون غيرك، وقد سبق لنا أنه لا يجوز الحمى إلا للمواشي العامة للمسلمين، بشرط ألا يضرهم.

ومن فوائد الحديث: أن ما نبت في ملكك من الكلأ أو ما نبع من الماء فالناس مشاركون لك فيه، ولكن أهل العلم يقولون: إن صاحب الأرض أحق به من غيره؛ لأنه مالك أرض فيكون أحق بفرعها من غيره؛ لأن الفرع تبع للأصل، وعلى هذا فإذا كان هذا الماء النابع في أرضي لا يكفي زرعي أو يكفيه ولا يزيد عليه؛ فإنه ليس لأحد أن يزاحمني في الماء؛ لأنني أنا أحق به من غيري، ولهذا جاءت الأحاديث في تحريم بيع فضل الماء، أما ما كان في حاجة صاحب الأرض الذي نبع الماء في أرضه؛ فإنه لا يزاحمه أحد فيه فهو أحق به.

إذا قال قائل: ما تقولون في رجل عنده كلأ لا يحتاج إليه ليس عنده مواش تأكله، ولكن قد أحاط أرضه بشبك، فهل لأحد أن يعتدي على هذا الشبك، أو لا يجوز إلا بعد مراجعة ولي الأمر؟ الثاني: لأن هذا الرجل الذي أحاط أرضه صار فيها شيء من الحماية، ولكن لولي الأمر أن يلزمه بإزالة هذا الحاجز من أجل أن يرعى الناس هذا الكلأ أو يحشوه إلا إذا كان عنده ماشية ترعاه أو هو يحشه ويبيعه فهو أحق به كما قلنا.

كذلك بالنسبة للماء تقول: إذا كان عند إنسان غدير وهو: الماء المجتمع من الأمطار، واحتاج الناس أن يدخلوا إليه ليسقوا منه مواشيهم أو ليستسقوا منه لأنفسهم فليس له الحق أن يمنع الناس من ذلك؛ لأن الناس شركاء له فيه، لكن إذا كان يحتاجه هو لزرعه فله أن يمنع غيره منه إلا عند الضرورة، فيجب أن يمكن من اضطر إلى الشرب منه.

في الحديث يقول: "عن رجل من الصحابة"، "رجل" مجهول، نقول: لكن هو من الصحابة، وقد قال علماء الحديث: إن جهالة الصحابي لا تضر، ولكن يورد علينا مورد أن من الصحابة من فعل بعض المعاصي الظاهرة، بل بعض الكبائر، فكيف تقولون: إن جهالة الصحابي لا تضر أفلا يمكن أن يكون ممن فعل هذه الكبيرة؟

الجواب: أن الأصل في الصحابة العدالة، وأن من فعل منهم كبيرة، فهو إما أن يكون له حسنات عظيمة كبيرة تنغمر فيها هذه المعصية مثل حاطب بن أبي بلتعة رضي الله عنه، فإنه قد فعل

<<  <  ج: ص:  >  >>