ضربت؛ لأن العامل إذا لم يشتغل عنه تسلط عليه فنصبه، فإذا قلت: زيد ضربته جاز لك في إعراب زيد وجهان: الرفع: "زيد ضربته" على أن يكون زيد مبتدأ وجملة ضربت خبر، "وزيداً ضربته" على أن يكون زيد مفعولاً لفعل محذوف يفسره ما بعده، والتقدير: ضربت زيداً، ولكن أيهما أرجح النصب أو الرفع؟ هذا الحكم تجرى فيه الأحكام الخمسة وجوب النصب، ومنعه، وترجيحه، ومرجوحيته والتساوى التي هي الإباحة.
على كل حال: لا نفصل في هذا، لكن الذي يهمنا أن الهمزة في قوله:" أكل ولدك؟ " همزة استفهام والغالب أن تختص بالفعل، الغالب أن أدوات الاستفهام تدخل على الأفعال، فإذا جاء المشغول عنه بعد همزة الاستفهام ترجح نصبه، لأن الغالب -كما قلت- أن أدوات الاستفهام يليها الفعل، فإن كانت الأداة التي وليها المشغول عنه تختص بالفعل ولا تدخل على الاسم تعين النصب، وهنا نقول: النصب راجح أو متعين؟ راجح، لأن الاستفهام يدخل على الأسماء والأفعال، لكن الغالب في الأفعال، ولهذا نقول: يجوز في هذه الجملة: أكل ولدك نحلته مثل هذا؟ ويجوز "أكل ولدك؟ "، لكن النصب أرجح، لأن أدوات الاستفهام لا يليها إلا الفعل غالباً، "أكل ولدك نحلته مثل هذا؟ ""ولد" مفرد مضاف يعم جميع الأولاد، كما أن "كل" أيضاً مفيدة للعموم وقوله: "ولدك" يشمل الذكور والإناث، وفي رواية لمسلم:«أكل بنيك نحلته مثل هذا؟ » ولنا عليها عودة -إن شاء الله-، قال "لا" يعنى: لم أنحله مثل هذا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "فأرجعه" يعنى: رده واعتبره لاغياً، وإرجاع الشيء معناه: إبطال ما سبق فيرجع الشيء إلى ما كان عليه قبل التصرف، وفي لفظ «فانطلق أبى إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ليشهده على صدقتي» بناء على اقتراح زوجه عمرة بنت رواحة يعني: على الصدقة التي تصدق بها على فالإضافة إلى المفعول به لأنك تضيف الصدقة إلى نفسك أحياناً وإلى من تصدقت بها عليه، فإذا قلت: صدقة وكلت عليها فلاناً فقد أضفتها إلى نفسك إلى الفاعل، وقد تضاف إلى المفعول به فيقول المعطى: صدقتي يعني: التي تصدق بها على، وهذا الحديث من هذا الأخير وسماها صدقة، لأنها تجتمع مع الصدقة في أن كل واحد منهما بلا عوض، على أن العطية أيضاً إذا أريد بها وجه الله ولو كانت للأبناء فهي من الصدقات، كما أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - بأن صدقة الإنسان على نفسه وعلى أهله فقال:«أفعلت هذا بولدك كلهم؟ »، الجملة هنا كالجملة السابقة إلا أنه ليس فيها اشتغال قال: لا فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم»، يعني: اتخذوا وقاية من عذابه وذلك بفعل الطاعة واجتناب المعصية وهنا يراد بها اجتناب المعصية، وهي تخصيص بعض الأولاد بالعطية دون بعض، قال:"واعدلوا" يعنى: ساووا بينهم. والأولاد جمع مضاف فيشمل الذكور والإناث والصغار ويشمل من كان غنياً ومن كان فقيراً، قال «فرجع أبي فرد تلك الصدقة»"رجع" يعني: على