الأبناء والبنات بالتفضيل للذكر مثل حظ الأنثيين، فكيف تقول: إذا قدم تملكهما وجب التسوية؟ فما دام هذا المال لو بقي حتى مات الأب لاقتسموه بالتفضيل، فكذلك إذا قسمه هو فليكن بالتفضيل، وأجابوا عن الحديث بأن كلمة ولد صالحة للذكور والإناث، وإحدى رواية مسلم:«ألك بنون؟ » تفيد بأن بشير بن سعد كان عنده من الأولاد بنون وليس عنده بنات، ومن المعلوم أنه إذا أعطى أولاده وكانوا كلهم بنين فإن الواجب التسوية، وهذا الأخير أقرب، أي: أن التسوية بينهم تكون بحسب الميراث.
ومن فوائد الحديث: أن التسوية فيما إذا كان الشيء مثله، يعني: عطية مجردة أما إذا كان لسد الحاجة والنفقة، فإن العدل بينهم أن يعطي كل واحد ما يسد حاجته ويكفيه سواء كان أكثر من الثاني أم أقل أم مساوون، فإذا قُدر أن له ولدين أحدهما صغير والثاني كبير طويل، الصغير يكفيه من الثياب متر، وهذا الكبير الطويل يحتاج إلى خمسة أمتار مثلاً، فهل نقول: إذا كسوت الكبير خمسة أمتار فادخر للصغير ما يُقابل الزائد؟ الجواب: لا؛ لأن النفقة العدل فيها أن تعطي كل واحد منهم كفايته، كذلك لو كان عنده أبناء بلغ أحدهم سن الزواج فزوجه، والآخرون صغار، فهل يعطي الآخرين مثل المهر الذي أعطاه الكبير؟ لا، بل لو أعطاهم لوجب أن يعطي الكبير مثل ما أعطاهم، هل يجوز أن يُوصي بمثل ما أعطى الكبير مهرا للصغير؟ لا يجوز، ولو أوصى لبطلت الوصية، بل نقول: العدل بينهم أن من بلغ سن الزواج وطلب الزواج تزوج، ولكن لو سألنا قال: أنا زوجت الكبير في زمن الرخص حيث كان المهر مائة ريال، والصغير الآن بلغ سن الزواج في زمن الغلاء، المهر بعشرة آلاف ريال، ماذا نقول؟ أعطه عشرة آلاف لأنك أعطيت الأول مهرا، أعط هذا مهرا، ولو كان الأمر بالعكس زوج الكبير في حال الغلاء، ثم رخصت المهور، فهل يُعطى الصغير الذي زوجه حال رخص المهور يعطيه ما زاد في مقابل ما أعطى الكبير؟ لا؛ لأن هذا كفاية، ومثل ذلك لو احتاج أحد الأولاد إلى علاج، وأعطاه علاجا أو عالجه في بلد آخر، فإن هذه النفقات لا يلزم أن يعطي مثلها الآخرين، لأنها للحاجة، لو أعطى أحدهم لكونه طالب علم، فأعطاه من أجل طلب العلم ولم يعط الآخرين، فهل يجب عليه أن يعطى الآخرين؟ نقول: نعم إذا كان مستعداً أن يعطى الآخرين مثل ما أعطى هذا إذا طلب العلم هذا لا بأس به، لاسيما إذا قال لهم: أنا أعطيت أخاكم من أجل أنه طالب علم، فإن هذا لا بأس به في التشجيع على العلم، نعم لو فرض أن أحدهم كان فيه مانع من طلب العلم مثل أن يكون أشل فأعطى طالب العلم، فهنا قد يتوجه القول بأن يعطي الأشل، لأنه إنما ترك طلب العلم عجزاً عنه لا زهدا فيه ورغبة عنه، لو كان أحدهم يعمل معه في فلاحته أو تجارته فنحله شيئا دون الآخرين هل يجوز؟ نقول: إذا كان هذا العمل مع أبيه متبرعا وقصده البر؛ فإنه لا يجوز أن يعطيه شيئًا يخصه به لأن هذا يريد ثواب الآخرة، فله ثواب الآخرة، أما إذا