عندنا أن شرى بمعنى اشترى، يقول القائل: شريت السلعة وهو قد اشتراها، وهذا لا يستقيم في اللغة العربية، بل يُقال: اشترى فإذا قال: شريت السلعة فالمعنى بعتها، ولهذا لو أن شخصا قال لك: يا فلان لماذا تشتري بيت فلان، وأنا لي فيه نظر؟ فقلت: والله ما شريته تكون بارا بيمينك، إذن في هذا تورية بناء على استعمال الناس لهذه المادة شرى أي: اشترى.
وقوله:«وإن أعطاكه بدرهم» يعني: ولو كان بثمن رخيص، ومعلوم أنه لو طلب عليه ثمنا كثيرا ما اشتراه عمر، لكن يقول: لا تشتره بأي حال من الأحوال.
تمام الحديث:«فإن العائد في صدقته كالكلب يعود في قيئه»: الحديث الصورة فيه واضحة.
في هذا الحديث فوائد كثيرة: منها جواز إيقاف الحيوان في سبيل الله لقوله: «حملت على فرس في سبيل الله» فإن الظاهر أنه أوقفه، ويُحتمل أنه (رضي الله عنه) تصدّق به على الرجل صدقة مطلقة على أنه ملكه.
فإن قال قائل: أفلا يكون قوله (صلى الله عليه وسلم): «لا تعد في صدقتك، فإن العائد ... إلخ» أليس هذا يقوي أن عمر تصدق به على ذلك الرجل تمليكا؟ !
فالجواب: أن الوقف يُسمّى صدقة كما مر علينا في كتاب الوقف أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال لعمر: «تصدق بثمره» فالوقف يُسمّى صدقة، على كل حال: سواء أوقفه عمر أو أعطاه هذا الرجل على أنه صدقة تمليك، فهو دليل على جواز ذلك.
ومن فوائد الحديث: أنه لا يجوز أن يشتري الإنسان صدقته، لأن النبي (صلى الله عليه وسلم) نهى عمر عن
شراء هذا الفرس.
ومن فوائده: أن الشراء نوع من الرجوع في الهبة أو الصدقة، وجهه أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: «لا تعد في صدقتك ... إلخ».
فإن قال قائل: كيف يكون عودًا في الصدقة وهو قد اشتراه بثمن؟
فجوابه: أن العادة في مثل هذا أن المتصدق عليه يعطي المتصدق الشيء بأقل من ثمنه فإذا نقص الثمن فكأنه عاد ببعض الصدقة.
مثاله: إذا قدرنا أن هذا الفرس يُساوي مائة درهم، فأراد عمر أن يشتريه بثمانين درهمًا فقد عاد بعشرين درهمًا يعني: خمس ما تصدق به، فهذا نوع من الرجوع في الصدقة، وكذلك لو وهبت شخصا هبة ثم اشتريتها منه فإنه لا يجوز لأن العادة تقتضي أن يخفض من الثمن لأنك أنت الذي مننت عليه فلا يمكن أن يُماكسك في الثمن، ويكون التنزيل نوعا من الرجوع، فإن قال قائل: ما تقولون فيما لو باعه بثمن المثل تمامًا بحيث إن هذا الفرس مثلاً نودي عليه في