القبول، بل ولا يشرع له، إذن نقول للمُهدّى إليه: إذا كنت تخشى أن يمن عليك هذا المُهدي فإنه لا يُشرع لك أن تقبل لئلا يؤذيك ويشترط لقبولها أيضا ألا تعلم أو يغلب على ظنك أنه إنما أهداها حياء أو خجلاً، فإن علمت أو غلب على ظنك أنه أهدى حياء أو خجلاً، فإنه لا يجوز لك أن تقبل، ولكن هل تقول: أنا لا أقبل الهدية، لأنك ما أعطيتني إلا خجلاً أو تردها بردّ لطيف؟ الثاني، لكن أنت إذا علمت أن هذا الرجل لم يهد إليك الهدية إلا خجلاً منك أو حياء: فقل يا أخي جزاك الله خيرا أنا مستغنٍ عنها وأنت ربما تكون أحوج بها وكلامًا لطيب خاطره.
ومن فوائد الحديث: أن الهدية سبب للمحبة؛ لأن النبي (صلى الله عليه وسلم) جعل ذلك جوابًا للأمر بها في قوله «تهادوا».
ومن فوائد الحديث: أنه ينبغي للإنسان أن يفعل كل ما فيه جلب المودة بينه وبين الناس سواء في الهدية أو في لين الجانب أو في الكلام الحسن أو في طلاقة الوجه، كل ما يوجب المودة بينك وبين الناس فافعله بقدر المستطاع، ولكن يعتري الإنسان أحيانا حالات قد لا يكون فيها على الوجه الذي ينبغي، فمثل هذه الحال ينبغي له أن يعتذر لصاحبه، أحيانا قد يكلمك شخص وأنت مثلاً مشغول فكريا أو مشغول بدنيًا أو مشغول اجتماعيا بشيء لا يمكنك أن تنبسط مع هذا الرجل فحينئذ ينبغي أن تعتذر منه من أجل أن يطيب قلبه وتقضي حاجتك أنت.
قال: رواه البخاري في «الأدب المفرده وهو كتاب للبخاري غير الصحيح، وقد جمع فيه (رحمه الله) أحاديث جيدة في الأخلاق والسلوك لكنها ليست في الصحة كالصحيح؛ ولهذا قال المؤلف هنا: وأبو يعلى بإسناد حسن مع أن البخاري هو الذي رواه.
? ? ? - وعن أنس (رضي الله عنه) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): «تهادوا، فإن الهدية تَسُلُّ السخيمةَ». رواه البزار بإسناد ضعيف.
«تهادوا» أي: ليهد بعضكم إلى بعض، وهذا أمر ثم علل هذا الأمر بقوله:«فإن الهدية تسل السخيمة»، وهي: الضغينة والحقد والكراهة، وهو بمعنى الحديث الأول، «وتسل السخيمة» أي: تذهبها فإن الإنسان قد يكون في قلبه شيء عليك فإذا أهديت إليه شيئا فإنه يزول عنك ما في قلبك، ولكن يشترط في هذه الهدية، وهو ينبغي أن يكون في الحديث السابق - ألا تكون الهدية سببًا لترك واجب أو فعل محرم، فإذا كانت سببًا له فهي ممنوعة، وهذا يتصور فيما لو أهدى