الذي لا يهتم به الناس فإنه يملكه من وجده، ولكنا اشترطنا ألا يعلم صاحبه فإن علم صاحبه وجب عليه أن يسلمه له، أو على الأقل يعلمه به، فيقول: وجدت لك كذا وكذا، وهذا يقع كثيرا، مثل: سقط من بيت جارك طاقية فأطارتها الريح إلى بيتك، طاقية تساوي ريالين لكنك تعلم صاحبها فيجب عليك أن توصلها إياه، أو أن تعلمه بها تقول: سقطت علينا طاقية من البيت.
٩٠٠ - وعن زيد بن خالد الجهني (رضي الله عنه) قال: «جاء رجل إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) فسأله عن اللقطة؟ فقال: اعرف عفاصها ووكاءها، ثم عرفها سنة، فإن جاء صاحبها وإلا فشأنك بها. قال: فضالة الغنم؟ قال: هي لك، أو لأخيك، أو للذئب. قال: فضالة الإبل؟ قال: ما لك ولها؟ معها سقاؤها وحذاؤها، ترد الماء، وتأكل الشجر، حتى يلقاها ربها». متفق عليه.
قوله:«جاء رجل» يرد في الحديث كثيرا إبهام الرجل أو إبهام المرأة، وذلك أن تعيينها لا يتعلق به حكم، فإذا تعلق به حكم فإنه لابد من ذكره، لكن اذا لم يتعلق به حكم وكان المقصود بيان حكم هذه القضية فإن الصحابة (رضي الله عنهم) وكذلك من بعدهم من الرواة لا يهتمون بتعيين المبهم، فقوله: «جاء رجل إلى النبي (صلى الله عليه وسلم)، لو قال لنا قائل: عينوا هذا الرجل نقول: إنه ليس بنا حاجة إلى تعيين أو عدم تعيينه لا يختلف به الحكم فسأله عن اللقطة يعني: ماذا يصنع بها؟ واللقطة سبق لنا تعريفها وهي: مال أو مختص ضل عن ربه يعني: ضاع عن صاحبه سأله عنها فقال: «اعرف» وإذا فسرناها بالتفسير الذي سمعتم صارت بمعنى اسم المفعول أي: لقطة بمعنى ملقوطة فقال: «اعرف عفاصها ووكاءها ثم عرفها سنة»، الوعاء: الوعاء التي فيه هذه اللقطة الكيس مثلاً، وكاءها: ما تربط به من حبل أو غيره قد تكون مربوطة بحبل أو بإزرار، المهم أن المراد بالوكاء: ما تربط به، وقوله (صلى الله عليه وسلم): «اعرف عفاصها» يتناول معرفة العفاص من أي مادة هل هو من جلد أو خرق أو بلاستيك أو ما أشبه ذلك، وهل هو ثخين أو رفيع وهل هو أحمر أو أسود، المهم اعرف نوعه وصفاته، ويمكن أن نقول هل هو كبير زائد على ما فيه، أو صغير ضيق بما فيه كل هلا لابد من معرفته، الوكاء يعرف هذا، الوكاء من أي نوع وكم شداً شُد؟ يعني: هل شُد مرتين أو ثلاثا، وهل هو ربط شديد، أو ما أشبه ذلك؟ والحكمة من ذلك من معرفة العفاص والوكاء من أجل أن يضبط صفاتها، حتى إذا جاء من يصفها بعده سلمها له. فإن قال قائل: ألا يكفي أن يحفظها عن معرفة العفاص والوكاء؟ قلنا: نعم، ربما يكفي لكن قد تتغير الأمور وينسى عينها، يعني: عنده أشياء لها عفاص ووكاء تخلط به فينساها أو ربما تحترق العفاص ويتلف الوكاء، المهم أن معرفة ذلك أمر مهم.