فلهذا ينبغي لنا أن نكون أمة لنا شخصيتنا ولنا مقوماتنا ولنا تاريخنا، وألا نكون أذيالاً لغيرنا وإذا اضطررنا إلى أن نؤرخ بتاريخهم نظرا لانفتاح الناس بعضهم على بعض، فمن الممكن أن نجعل الأصل التاريخ الإسلامي العربي ونقول: الموافق لكذا، ليس فيه مانع أما أن نمحو التاريخ الإسلامي ولا يعرف ثم نجعل بديلاً عنه هذا التاريخ النصراني، فلاشك أن هذا خطأ عظيم، ولقد نص الإمام أحمد أنه كره هو نفسه أن يؤرخ بأشهر الفرس، وهو إذا قال: أكره فهو عند أصحابه للتحريم، فالحاصل أن السُنة إذا أطلقت فالمراد بها: السنة الإسلامية العربية، وهي السنة الهلالية التي مدتها اثنا عشر شهرا، والشهر مربوط بالأهلة، وهو ما بين الهلالين {يَسْأَلُونَكَ عَنْ الأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ}[البقرة: ١٨٩]. والعجيب أن هذه الأشهر النصرانية مبنية على أوهام ليست حقائق؛ لأن بعضها ثمان وعشرون، وبعضها واحد وثلاثون، فعلى أي أساس، والعجيب أني رأيت في كتاب، ما أنهم هموا بأن يجعلوا السنة اثنا عشر شهرا حسب سير الشمس، لكن يجعلون الأيام متساوية قالوا: لأنه أضبط فقامت الكنيسة عليهم باسم الدين قالوا: لا يمكن أن تغيروا دعوها على ما هي عليه من عوج ولا تغيروها، لأن تغيير التاريخ ليس هينا لاسيما ونحن الآن إذا غيرنا التاريخ سنغيره من أشرف مناسبة وهي الهجرة إلى مناسبة يتخذها النصارى عيدا لهم، وهي ميلاد عيسى ابن مريم (عليه الصلاة والسلام) وحينئذ ربما يأتي اليوم الذي نجعل هذا عيدا لنا نصنع ما يختص بالعيد، وقد قال ابن القيم (رحمه الله): من هنأهم بأعيادهم فإنه إن لم يكفر فقد أتى أمرا عظيما، قال: لأن التهنئة بأعيادهم -والأعياد مواسم دينية- رضا بالكفر، قال: وهو أعظم من أن يهنئهم بالسجود للصنم، لو واحد يسجد للصنم، وقلت له: تقبل الله وهنأته، يقول: هذا أشد من التهنئة بالأعياد، وأشد من تهنئته بشرب الخمر، لو وجدت واحد يشرب الخمر من النصارى وقلت له: هنيئا مريئا تهنيه بهذا يقول: تهنئتهم بعيدهم أشد؛ لأنه إشعار بالرضا بالكفر، وهذا أمر عظيم، وقد بلغني أن من المسلمين -مع الأسف - من يهنئهم بأعيادهم بل من يسافر إلى بلادهم يشاركهم الأفراح بهم، نعوذ بالله- تستعينون بنعم الله المال الذي أعطاه الله على معصية الله، نسأل الله لنا ولكم الهداية.
ثم قال النبي (صلى الله عليه وسلم): «فإن جاء صاحبها» يعني: في هذه المدة مدة السنة، وإلا، يعني: وإلا يأتي فشأنك بها نقرأ شأنك بالفتح وبالضم، فإن كانت بالضم فهي مبتدأ والجار والمجرور بعدها خبر، وإن قرأت بالفتح فهي مفعول لفعل محذوف تقديره: الزم شأنك بها أو اتبع شأنك بها، وفي هذه الجملة حذف فعل الشرط وبقاء أداة الشرط، لأن قوله:«وإلا»، يعني: وإلا يجيء صاحبها، وإنما جاز حذف فعل الشرط مع بقاء أداة الشرط، لأنه معلوم، وقد ذكر ابن مالك (رحمه الله) قاعدة في المحذوفات في باب المبتدأ والخبر فقال: