لأخيك إن تركتها وسلمت من الذئب إن تركتها وأكلها الذئب، إذا أكلها الذئب فعلى من يكون الضمان؟ ليس على الذئب ضمان، وإن أكلتها أنت فليس عليك ضمان، أو لأخيك كذلك إن أكلها أخوك فلا ضمان عليه، لأنه لا يضمنها الذئب، فكذلك ابن آدم لا يضمنها، هذا هو ظاهر الحديث، وهو ما ذهب إليه أهل الظاهر، وهم دائما يذهبون إلى الظاهر، فيقولون: هي لك ملكك، لأخيك ملكه، للذئب ملكه، وإن كان لا يملك، فهو لا يضمن وأنت كذلك إذا أكلتها لا تضمن، لأن إتلافك أنت خير من إتلاف الذئب، فإن إتلاف الذئب لا ينتفع به الآدمي، وإتلافك أنت ينتفع به الآدمي، ولا شك أن هذا ظاهر الحديث، هذا ما ذهب إليه أهل الظاهر استنادا إلى ظاهر الحديث، ولكن المشهور عند الفقهاء أن الحديث ليس على ظاهره، قالوا: هي لك إن لم يأت صاحبها بعد تعريفها سنة؛ لأنه إذا كان الرسول (صلى الله عليه وسلم) ذكر أن اللقطة تُعرف سنة، فلا فرق بينها وبين الضالة، لأن كلاً منهما مال محترم قد ضاع عن صاحبه، فإذا كان كذلك فإن الحكم فيهما سواء فتُعرف ضالة الغنم، تُعرفها سنة، فإن جاء صاحبها فهى له، وإن لم يأت فهي لك.
إذا قال قائل: إن الرسول (صلى الله عليه وسلم) فرق بينهما في سياق واحد، فكيف يصح القياس مع تفريق الشرع بينهما في سياق واحد؟
فالجواب: -والعلم عند الله-: أن البهيمة - أي: الضالة من الغنم - لا تبقى كما يبقى المال، لأنها تحتاج إلى إنفاق وربما يكون الإنفاق عليها أضعاف أضعاف قيمتها، فالإنسان الواجد محتاج إلى أن يبادر بذبحها فمن ثم قال:«هي لك أو لأخيك أو للذئب»؛ لأن صاحبها الذي وجدها لن يبقيها لمدة سنة فإنها قد ترهقه بالنفقات، فإذا رجع على صاحبها ربما يكون قد أنفق عليها أكثر من قيمتها، ولهذا نقول: إن واجدها لا يجوز أن يبقيها ويُنفق عليها ما لم يعلم أن الإنفاق عليها خير من بيعها أو ذبحها، وإلا فلا يجوز له لأنه مؤتمن، والمؤتمن يجب عليه أن يفعل ما هو أصلح وأنفع.
قوله:«لك أو لأخيك» الكلام هنا في الضالة أما المعلوم صاحبها فإنها للأخ قطعا الذي هو صاحبها، فإذا كنت تعلم أن هذه شاة فلان، فإنها ليست بضالة يجب عليك أن تبين له أنها عندك حتى يأتي إلى أخذها.
قال:«فضالة الإيل؟ » قال: «ما لك ولها» فضالة الإبل يعني: الضائعة من الإبل، والإبل معروفة وهي من أكبر الحيوانات الأليفة جسمًا، ومن أكثرها نفعًا، فيها منافع ومشارب ومآكل