إذا كانت موجودة فليردها على صاحبها، لأنها عين وُجد مالكها فلا عذر لأحد في عدم الدفع له، وقال بعض العلماء: بل إذا تلفت بعد تمام الحول فعليه ضمانها مطلقا سواء تعدى أو فرط أو لم يتعد أو لم يفرط، وسواء بقيت العين أم لم تبق، لأنه لما ملكها دخلت في ضمانه عينا ومنفعة، وإذا دخلت في ضمانه وجب ضمانها لصاحبها بكل حال، وهذا الأخير هو المشهور من المذهب، على أنه يضمنها بكل حال، وعليه فهي من غرائب العلم تكون هذه اللقطة بالأمس غير مضمونة على الواجد، وفي اليوم مضمونة عليه يعني: بالأمس قبل أن يتم السنة هي غير مضمونة فهو أمين إن تعدى أو فرط ضمن، وإلا فلا، في اليوم بعد تمام السنة تكون مضمونة، وأنا أضرب لكم مثلاً يتبين فيه الأمر: هذا رجل وجد مائة ألف ريال لقطة وصار يُعرفها، فلما بقي على تمام السنة يوم واحد أتاها حريق بغير اختياره فاحترقت فهل عليه ضمان؟ لا ضمان عليه، لماذا؟ لأنه أمين لم يتعد ولم يفرط، بعد أن تمت السنة أتاها حريق فاحترقت فعليه الضمان، بالأمس المال لغيره وهو أمين عليه فلا يضمن إلا إذا تعدى أو فرط، اليوم المال له داخل في ضمانه عينا ومنفعة فيكون عليه الضمان، هذا هو المشهور من المذهب، وهو من غرائب العلم يُقال لما كانت في ملكه يضمن مطلقا، ولما كانت في ملك غيره لا يضمن إلا بالتعدي والتفريط، أما القول الثاني: فقالوا في هذه الصورة: لا ضمان عليه، لأنه لما تم الحول دخلت في ملكه وتلفت، فسواء بفعله أو بفعل له فلا ضمان عليه، لأنه صاحب ملكه، وهذا القول أصح، الصحيح أنها بعد تمام الستة ملك للواجد يتصرف فيها كما شاء، فإن جاء ربها وهي باقية دفعها إليه، وإن جاء ربها وهي تالفة فلا شيء عليه.
ومن فوائد الحديث: أن الإنسان مخير في أخذ ضالة الغنم، لقوله:«هي لك أو لأخيك أو للذئب» لكن هذا التخيير هو تخيير إرادة أو تخيير مصلحة؟ ، ربما نقول: إن التخيير تخيير مصلحة يعني: إن رأى المصلحة أخذها وإلا تركها.
ومن فوائد الحديث: أن الغنم غير الضالة لا يجوز التعرض لها، بل تترك وتذهب هي بنفسها إلى صاحبها لقوله:«فضالة الغنم» يعني: الضائعة أما التي عرف بأنها غير ضائعة مثل ما يوجد الآن الغنم تترك ترعى سواء في المدن أو في البر، تُترك ترعى ثم تأوي إلى أهلها فهذه لا يجوز التعرض لها، لأنها ليست بضالة بل هي مهتدية تعرف بيتها.
ومن فوائد الحديث: أن من وجد ضالة الغنم ملكها بدون تعريف لقوله: «هي لك» ولم يأمره بالتعريف، في اللقطة أمره بالتعريف، وهنا لم يأمره بالتعريف، وهذا ما ذهب إليه كثير من