يكتسب من طبيعته؛ لأن الجسم يتأثر بما يتغذى به، وقد قال أهل العلم إنه يكره أن يسترضع لولده امرأة حمقاء أو سيئة الخلق لئلا يؤثر في طبيعة الصبي، فكذلك كل ذي ناب من السباع إذا صار الإنسان يتغذى به تأثر به وصارت طبيعته طبيعة سبُعية تحب العُدوان.
قال:«ولا الحمار الأهلي»، وهو الحمار المعروف الذي يكون بين الناس، والأهلي احترازاً من الوحش المتوحشي الذي لا يألف الناس، وهو حمار البَرَ أما الأهلي فهو حرام وإن توحش حتى لو فرض أن بعض الحمير توحش وصار كالثعلب والظباء وصار لا يألف الناس ويفر منهم فإنه حرام، وقد حُرمَت الخمر بعد أن كانت حلالاً فأصبحت بعد التحريم نجسة، وهي قبل التحريم طاهرة، فإن الرسول (صلى الله عليه وسلم) حين فتح خيبر أمر أبا طلحة أن ينادي في الناس: «إن الله ورسوله ينهيانكم عن لحوم الحمر الأهلية لأنها رجس»، يعني: نجسة حرامًا فلا تحل.
قال: «ولا اللقطة من مال معاهد إلا أن يستغنى عنها، المعاهد هو الذي بيننا وبينه عهد من الكفار، لأنه حصن ماله بهذه المعاهدة، والكفار بالنسبة لنا أربعة أقسام: معاهدون، ومستأمنون، وذو ذمة، ومحاربون.
فأما المعاهدون فهم الذين جرى بيننا وبينهم صلح على وضع الحرب لمدة معينة كما فعل الرسول (صلى الله عليه وسلم) مع قريش في غزوة الحديبية.
وأما المستأمنون فهم الذين طلبوا الأمان لبقائهم في البلاد الإسلامية للتجارة وعرض أموالهم ثم يرجعون، أو للبحث عن الإسلام وشرائعه يستمعون القرآن والحديث ثم يرجعون، هؤلاء نسميهم مستأمنين بالكسر وهم الذين طلبوا الأمان.
الثالث: ذوو الذمة الذين نبقيهم في بلاد الإسلام لهم ما لنا وعليهم ما علينا، ولكن بالجزية نأخذ منهم كل عام جزية يقدرها الإمام.
الرابع: المحاربون وهم من سوى ذلك، المحاربون مالهم حلال ودمهم حلال ولا إشكال في ذلك، والمعاهدون والمستأمنون وذوي الذمة مالهم حرام ودمهم حرام، فلا يجوز أن نغدر بهم، وبيننا وبينهم عهد، ولا يجوز أن نأخذ شيئًا من أموالهم ولا يجوز أن نقول في اللقطة إذا وجدناها من أموالهم: إنها مال كافر فلا تحل لنا، ولهذا قال:«ولا اللقطة من مال معاهد»؛ لأنه قد يقول أحد الناس: إن هذا كافر فماله حلال، نقول: لا ما دام بينك وبينه عهد فقد حصن نفسه وماله فلا يحل لك أن تخونه في أي شيء.