المعنى الأول: إلا أن تكون مما يُستغنى عنه عادة كالشيء الزهيد الذي لا تتبعه همة أوساط الناس.
والثاني: أن يستغني عنها يعني: أن يقول لك: أنا في غنى عنها، وهي لك، وهذا الاستثناء يكون للمسلم أيضا، فإذا وجدت لقطة في بلاد إسلامية فإنها يجب احترامها ما لم يستغن عنها إما بإذن صاحبها وإما بكونها لا يهتم بها الناس.
فإذا قال قائل: كيف أدري أنها مال معاهد؟ فالجواب: أن يُقال إذا وجدتها في بلادهم، مثلاً: صالحنا أهل بلد جيران لنا وهم كفار ثم سافر أحد من الناس فوجدها في بلادهم هذه مال معاهد، لأن البلد ليس فيه إلا كفار معاهدون أو يكون هذا الذي وجدناه من خصائصهم مثل أن يكون صليبا من ذهب فإنه معروف أن الصليب لا يكون إلا للنصارى، أو يكون من ألبستهم الخاصة فيكون لقطة من مال معاهد.
ويستفاد من هذا الحديث: تحريم ذي الناب من السباع، لقوله:«ألا لا يحل».
فإذا قال قائل: هل هناك ضابط للحلال من الحيوان؟ قلنا: نعم له ضابط الأصل في الحيوان الحل، ودليل ذلك قوله تعالى:{هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا}[البقرة: ٢٩] كل ما في الأرض فهو لنا حلال، {وسخر لكم ما في السموات وما في الأرض جميعا منه}[الجاثية: ١٣].
وبناء على هذه القاعدة: لا يمكن أن نحرم [شيئا] من جميع الحيوانات من زواحف وطيور إلا بدليل، ولو تنازع اثنان في حيوان طائر أو زاحف هل هو حلال أو حرام؟ فقال أحدهما: إنه حرام، وقال الثاني: إنه حلال، فالصواب مع من قال إنه حلال حتى يقوم دليل على التحريم.
ومن فوائد الحديث: أن ما كان سبعًا لا ناب له أي: ليس يفترس بنابه فهو حلال، لأن النبي (صلى الله عليه وسلم) اشترط شرطين:
الأول: أن له نابا يفترس به.
والثاني: أنه سبع.
وبناء على هذا تكون الضبع حلالاً لأنها من السباع لكنها ليست ذات ناب، إذ إنها لا تأكل الحيوان إلا عند الضرورة بخلاف الذئب، الذئب يدخل الغنم أربعين شاة يشق بطنها كلها ويأكل كبد واحد والباقي يفسدها، لكن الضبع لا تأكل إلا عند الضرورة، ومن ثم كانت حلالاً، وجعل النبي (صلى الله عليه وسلم) فيها شاة إذا قتلها المحرم.