ونضرب لهذا مثلاً يوضح المسألة: لو أن شخصا يقود سيارة بأبيه وحصل منه خطأ فانقلبت السيارة ومات الأب فهل يرث؟ نقول: أما على القول بأن القتل مانع من موانع الإرث ولو كان خطأ فإنه لا يرث على كل حال، وأما على القول الثاني الذي يقول إذا انتفت التهمة فالأصل أن يعلم السبب عمله وأن يرث، على هذا القول الثاني نقول: إن الابن هنا يرث من أبيه، ولكن لا يرث من الدية، يرث من ماله الأول، لأن هذا الولد يجب على عاقلته دية أبيه والدية تضم إلى مال المورث، لكن في هذه الحال نقول للولد: ليس لك من الدية شيء لك من مال أبيك الأول، فإذا كان عند أبيه مائتا ألف والدية التي حصلها مائة ألف يرث الابن من مائتي الألف دون مائة الألف التي هي الدية، وقد جاء فى هذا حديث أخرجه ابن ماجه، وقال أبن القيم في إعلام الموقعين: به نأخذ، يعني: أن القتل إذا كان خطأ فإنه لا يمنع من الميراث لانتفاء العلة التي بها منع القاتل من الميراث، وهذا القول هو الصحيح أن القاتل خطأ يرث من المقتول، أما إذا تعمد مثل أن يكون ابن عم وعند ابن عمه مال كثير وهو فقير ويأتي لابن عمه يقول: أعطني درهما أشتري به خبزا للفطور والغداء، فيقول: لا، فقال له يتهدده، ثم قتله ففي هذه الحال لا يرثه قطعًا لأن الرجل عُلم أنه يريد المال، ومن القواعد المقررة عند الفقهاء: من تعجل شيئًا قبل أوانه عُوقب بحرمانه.
الثالث من الموانع: الرق، يعني: إذا كان الوارث لولا الرق لورث فهذا مانع من موانع الإرث، يعني: إذا وجد سبب الإرث في شخص وكان رقيقا فإنه لا يرث مثاله رجل له أخ رقيق. وله عم حر فمن الذي يرث؟ العم الحر لكن لولا الرق لورث الأخ الشقيق، الرق مانع من موانع الإرث، والدليل أن الله سبحانه وتعالى ذكر الميراث باللام الدالة على الملك فقال: : {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنثَيَيْنِ}[النساء: ١١].
وقال:{ولكم نصف ما ترك أزواجكم}، {وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ}، {لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ} وإذا كان استحقاق الوارث للإرث بالملك؛ فإن الرقيق لا يملك لأنه مُلك لسيده، والدليل على أن الرقيق لا يملك قول النبي (صلى الله عليه وسلم): «من باع عبدًا وله مال فماله للذي