هو الذي يستحق الميراث، لكن الذي مشى عليه الإمام أحمد (رحمه الله) أنهم ينزلون منزلة من أدلوا به فيرقون إلى أن يصلوا إلى الوارث ويقسم المال بين الورثة الذين أدلوا بهم ذوو الأرحام، كأن الميت مات عنهم ثم يوزع الميراث أو يوزع نصيب من أدلوا به عليهم كأنه مات عنهم.
هلك هالك عن أبي أم وخال كلاهما مدل بالأم وعن عمة مدلية بالأب كيف نقسم المال؟ عندنا أبو أم وخال وعمة تقول: كان الميت مات عن أم وأب، فللأم الثلث، والباقي للأب، إذن نقول للعمة لك الثلثان، لأنك بمنزلة الأب، ونقول لأبي الأم والخال نقدر كان الأم ماتت عنهما كأنها ماتت عن أبيها وأخيها فيكون المال لأبيها، إذن ثلث الأم يأخذه أبو الأم، والخال ليس له شيء من الذي حجبه؟ حجبه أبوه هذا هو ميراث ذوي الأرحام فنأخذ القاعدة أولاً ينزلون منزلة من أدلوا به، ثانيًا يُقسم نصيب من أدلوا به عليهم كأنه مات عنهم. ثم قال في الحديث الذي معنا حديث أبي أمامة:«الله ورسوله مولى من لا مولى له»: المراد بالمولى هنا في قوله: «من لا مولى له» يشمل من لا مولى له بالولاء وهو العتق، ومن لا مولى له بالقرابة؛ لأن القرابة فيها أولوية كما قال النبي (صلى الله عليه وسلم): «وما بقي فلأولى رجل ذكر»، وقال تعالى:{وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْض}[الأنفال: ٧٥]. فقوله:«ومن لا مولى له»، أي: من لا وارث له، فالله ورسوله وارث من لا وارث له، أما الله (عز وجل) فهو غني عن كل أحد، وأما الرسول (صلى الله عليه وسلم) فهو في حياته كغيره من البشر يحتاج كما يحتاج الناس، لكنه بعد موته يكون نصيبه كنصيب الله (عز وجل) أي: أنه يُدفع إلى بيت مال المسلمين كما قال تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ}[الأنفال: ٤١]. يعني: يصرف في مصالح العباد في بيت المال؛ فإذا هلك هالك ليس له وارث فإن ميراثه يُصرف إلى بيت المال.
وعُلم من هذا الحديث أنه إذا كان له وارث فإنه لا حظ لبيت المال في ماله يُعطى الوارث إن كان صاحب فرض أعطيناه فرضه، ثم نبحث عن مُعصب إن وجدنا عاصبًا أعطيناه الباقي وإن لم نجد رددناه إلى ذوي الفرض إلا إذا كان ذوو الفرض زوجا أو زوجة، فإنه لا يرد عليه، فإذا هلك هالك عن بنت فقط وليس له قريب سواها فإننا نقول في القسمة للبنت النصف فرضا والباقي ردا، أما كونها ترث النصف فرضا فهو واضح في القرآن، لكن كيف أعطيناها الباقي ردا؟ أعطيناها ذلك بقوله تعالى:{وأولوا الأرحام بعضهم}[الأنفال: ٧٥]. ومن المعلوم أننا إذا أعطيناها هي كان أولى من أن نصرفه إلى بيت المال؛ لأن بيت المال لعموم المسلمين والأقربون أولى بالمعروف.