يريد أن يهلكه؛ لأن الشيطان عدو لبني آدم إلا عيسى بن مريم فإن الشيطان لم يفعل به هذا، حتى إن بعض القوابل اللاتي يولدن النساء يرين أثر الضرب في خاصرته، لأنه يريد أن يقتل بني آدم لأنهم أعداء له، فإذا استهل ورث.
ففي هذا الحديث: دليل على أن الحمل يرث، يعني: لو مات ميت عن حمل فإنه يرثه، لكن يُشترط لذلك شرطان الأول: أن يُعلم وجوده حين موت مورثه، والثاني: أن يستهل صارخا، وهذا، يعني: أن تُعلم حياته بعد خروجه، فإن علم أنه كان ناشئا بعد موت مورثه فإنه لا يرث.
ولكن إذا قال قائل: كيف نتيقن أنه موجود حين موت مورثه؟ نقول: نتيقن أنها تلده لأقل من ستة أشهر من موت المورث ويعيش، فبذلك علمنا أنه كان موجودًا حين موت مورثه، لماذا؟ لأن أقل مدة يعيش فيها الحمل ستة أشهر لا يمكن أن يعيش الحمل إذا خرج قبل ستة أشهر، فإذا خرج لأقل من ستة أشهر من موت المورث وعاش علمنا أنه كان موجودًا حين موت مورثه.
لكن إذا قال قائل: ربما كان نشأ بعد ذلك جامعها زوجها بعد موت المورث وحملت، نقول: هذا لا يمكن أبدا، فإذا مات المورث عن الحمل فماذا نصنع بالنسبة للتركة إذا طلب الورثة أن تُقسم؟ هل نقسم التركة باعتبار الأضر في حق الجنين أو باعتبار الأضر في حق الأحياء، نقول: يجب الاحتياط وأن نعامل الورثة بالأحوط.
إذا قال لنا قائل: ما هو الدليل على أن أقل مدة يمكن أن يعيش فيها الحمل ستة أشهر؟ قلنا: الدليل قوله تعالى: {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا}[الأحقاف: ١٥]. وقوله في الآية الثانية:{وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْن}[لقمان: ١٤]. فإذا أسقطنا زمن الفصال وهو عامان ومدتها أربع وعشرون شهرا يبقى مدة الحمل ستة أشهر، وقد ذكر أبن قتيبة - في المعارف - أن عبد الملك بن مروان أحد الخلفاء ولد لستة أشهر، إذن إذا ولد لأقل من ستة أشهر فهو موجود حين موت المورث سواء كانت أمه توطأ أم لم توطأ، أما إذا وُلد لأكثر من ستة أشهر ولأقل من أربع سنين، فإننا ننظر إن كانت لا توطأ فإنه موجود حين موت المورث، وإن كانت توطأ فإننا في شك، هل وجد أو لا، وحينئذ لا يرث، ولهذا يجب على الإنسان إذا كان له زوجة يرث حملها من الميت أن يتجنبها إذا مات الميت حتى يتبين أنها حامل أو غير حامل، وذلك بأن تحيض إن حاضت فليس بحامل، وإن لم تحض وتبين حملها فهي حامل، وإن ولدته لأكثر من أربع سنين منذ مات مُورثه فإنه لا يرث على كل حال، لماذا؟ بناء على أن أكثر مدة الحمل أربع سنين.