على الميراث لكان للوصية الريع وللأم الربع وللأخ النصف، يعني: تجعل النقص على الجميع لكننا نقدم الوصية ثم نقسم الباقي على أصحاب الميراث، فنقول: التركة واحد وعشرون ريالاً أوصى بالثلث سبعًا، يبقى أربعة عشر للأم ثلثها أربعة وثلثان انظر الآن كان بالأول الأم لها الثلث فتستحق سبعة من واحد وعشرين الآن لم تستحق إلا أربعة، وثلثان من أربعة وعشرين ولو لم تقدم الوصية لتساوى صاحب الوصية مع الأم، والأخ الشقيق يُعطى النصف كم بقي للأخ؟ يبقى له تسعة وثلث، وكان الأول يرث أربعة عشرة إذن نقول: إن الترتيب الذي سلكه الفقهاء من الحنابلة أقرب للصواب من الترتيب الذي ذكره المؤلف.
الوصايا جمع وصية وهي ما يُعهد به على وجه الاهتمام به، ومن ذلك قوله تعالى:{وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ}[النساء: ١٢١] أما في الاصطلاح فالوصية هي التبرع بالمال بعد الموت، أو الأمر بالتصرف بعده، التبرع بالمال بعد الموت، مثل أن يقول: إذا مت فأخرجوا ثلثي مالي في أعمال البر، أو يقول: إذا مت فأعطوا فلانا كذا وكذا، الأمر بالتصرف بعده، مثل أن يقول: إذا مت فالناظر على أولادي الصغار فلان، هنا لم يوص بمال، ولم يتبرع بمال، لكن أمر بالتصرف بعد الموت ما هو التصرف؟ النظر في حق أولاده الصغار، إذن الوصية تكون بالمال وتكون بالحقوق.
حكم الوصية: يقول العلماء: إن الوصية تجري فيها الأحكام الخمسة: الواجب، والمندوب، والمباح، والمكروه، والحرام، وهذه الأحكام الخمسة التي تجري في الوصية مأخوذة من الكتاب والسنة، إما دليلاً، وإما تعليلاً، فنبدأ أولاً بالوصية الواجبة وهي تكون في كل دين واجب على الموصي ليس به بينة سواء كان هذا الدين لله كالزكاة والنذر أو كان للمخلوق كثمن المبيع والأجرة والقرض، فكل دين واجب ليس فيه بينة فالوصية به واجبة، لماذا؟ لأنه لو لم يوص به لضاع حق من له الحق، وهذا حرام، وما لا يتم درء الحرام إلا به فهو واجب؛ لأن درء الحرام واجب، فإذا قدرنا أن شخصا في ذمته لفلان مائة ريال، وليس به بينة، وجب عليه أن يُوصي بأن في ذمتي لفلان مائة ريال، فإن كان به بينة سقط الوجوب، وبقي الاستحباب، سقط الوجوب لأن الحق لا يضيع مع وجود البينة، لكن يبقى الاستحباب فيستحب أن يُوصي ولو مع وجود البيئة لأمرين:
الأول: لاحتمال ألا تقوم البينة إما لنسيانها، أو لإنكارها، أو لموتها، أو لمشقة إقامتها، كل هذا وارد.