ذلك لا ينفعه؛ لأن الله قال:{وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى}[النجم: ٣٩]، ولأن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: «إنما الأعمال بالنيات» والميت لم ينو هذا العمل، فكيف يكون له بلا نية بل ربما يكون الميت يكره الأعمال التطوعية ربما يكون الميت ليس على دينه قويمًا، فكيف نلزمه بشيء يكرهه في حياته؟
على كل حال أقول: إن بعض العلماء ضيق هذا وقال: إن هذا خاص في الصدقة فقط، ولكن القول الثاني في هذه المسألة أن الأمر واسع، وأن الإنسان يجوز أن ينوي العمل الصالح لأبيه وأمه وأخيه وأخته وعمه وعمته وخاله وخالته وأي واحد من المسلمين، ويجيب عن الآية {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى}[النجم: ٣٩] أي: أنه لا يُحمل عليه سعي غيره بمعنى أنه لا يُعطى من سعي غيره، ولكن إذا أعطاه غيره من سعيه، فلا بأس لأن غيره إذا أعطاه من سعيه، فقد أعطاه باختياره، بخلاف ما إذا قلنا: أنت يا فلان ترتفع درجتك بعمل أخيك، أنت يا فلان ترتفع درجتك بعمل زوجتك، وهكذا، فإن هذا لا يمكن فالإنسان ليس له إلا سعيه، ولا يمكن أن يأخذ من سعي غيره ليوضع على سعيه، لكن إذا أراد غيره أن يعمل له فلا بأس، واستدلوا لذلك بأدلة منها هذا الحديث، قالوا: إذا جازت الصدقة عن الميت فالصدقة عمل صالح، فما الذي يجعل هذا العمل نافذًا للغير ويمنع غيره؟ لا فرق، كله قُربى، الصدقة قربى، والصلاة قربى، والقرآن قربى، فإذا صح أن القرب تجعل للأموات؛ فإنه لا فرق، فإن التعيين بالصدقة قضية عين ليست من كلام الرسول (صلى الله عليه وسلم) حتى نقول: هذا كلامه يثبت الحكم بما نصَّ عليه، وينتفي عما سواه، هذا رجل حصل له هذه القضية وجاء يسأل هل نستطيع أن نقول: إن غيرها ليس مثلها؟ لا نستطيع أن نقول هذا، لأنه لو وقع شيء آخر فإن الجواب أقل ما نقول فيه: إنه غير معلوم، ويُقاس على ما كان معلومًا، كذلك أيضا هناك أعمالٌ بدنية جاءت بها الشريعة «من مات وعليه صيام صام عنه وليه»، وهذا وإن كان بعض العلماء قال: إنه في النذر خاصة فهذا التخصيص غير صحيح، ولا يمكن أن نحمل قوله:«من مات وعليه صيام صام عنه وليه» لا يمكن أن نحمله على النذر ونخرج صوم رمضان، لأننا لو حملناه على النذر دون صوم رمضان لكنا حملناه على المعنى الأقل، ونفينا الحكم على المعنى الأكثر، أيهما أكثر: أن يموت المسلم وعليه صيام من رمضان، أو يموت وعليه صيام نذر؟ الأول بلا شك، لأن صيام النذر ممكن أن تمضي حياته كلها لا ينذر لله (عز وجل)، ولو نذر يمكن أن ينذر غير الصيام، ينذر صدقة أو صلاة أو ما أشبه ذلك، المهم أنا نقول العبادات البدنية المحضة كالصوم جاءت الشريعة بانتفاع الغير بها «ومن مات وعليه صيام صام عنه وليه»، في الحج قالت امرأة: يا رسول الله! إن أبي أدركته فريضة