للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إعادة السؤال؛ لقوله: «نعم»، ويتفرع على هذا مسائل كثيرة في الإقرارات والعقود، فمثلاً: لو قلت لشخص: أبعت بيتك على فلان؟ قال: نعم. فقال للثاني: أقبلت؟ قال: نعم. كل واحد لم ينطق بالبيع ولا بالشراء، فهل ينعقد البيع؟ نعم؛ لأن حرف الجواب يُغني عن إعادة السؤال.

ولو سئل الرجل أطلقت امرأتك؟ قال: نعم، تُطلق. ولو قال الولي: زوجتك ابنتي. فقيل للزوج: أقبلت؟ قال: نعم، انعقد النكاح.

ولو سئل شخص: أقتلت فلانًا؟ قال: نعم، ثبت الإقرار وهكذا.

المهم أن هذه القاعدة مفيدة أن الجواب يُغني عن إعادة السؤال إن كان الجواب للإثبات

فهو للإثبات، وإن كان للنفي فهو للنفي، ولهذا لو قال: لا، كان التقدير لم أفعل.

فلو سئل شخص: أبعت بيتك على فلان؟ قال: لا، لم يثبت البيع، ولو قال: بعت بيتي على فلان، فقيل للثاني: أشتريت البيت؟ . قال: لا، لم يثبت شيء.

هذا الحديث فيه إشكال مع قوله تعالى: {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى} [النجم: ٣٩]. فهذا القول يدل على أن سعي غيره لا ينفعه، فليس له إلا ما سعى فقط، فما هو الجواب؟

الجواب من وجهين:

الأول: أنه لا تعارض بين الكتاب والسُنة التي تصح عن الرسول (صلى الله عليه وسلم)؛ لأن الكل حقٌ من عند الله فلا تعارض، وعليه فيقول: قوله تعالى: {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى} [النجم: ٣٩] إن قُدر أنها معارضة للحديث، فالحديث مخصص، والتخصيص سائغ في الأدلة وكثير، وعلى هذا فتخص الآية بما إذا عمل الولد لأمه، والولد بُضعة من أبيه كما ثبت ذلك عن النبي (صلى الله عليه وسلم) في قوله: «إن فاطمة بضعة مني يريبها ما رابني»، وإذا كان بضعة منه صار عمله كأنه عمل أبيه، ولهذا جاء في الحديث: «إن أطيب ما أكلتم من كسبكم، وإن أولادكم من كسبكم» وعلى هذا فتخصُّ الآية في هذا الحديث بما إذا عمل الإنسان لأمه، وكذلك إذا عمل لأبيه من باب أولى، فإن جزئية الابن للأب أقوى من جزئيته لأمه، ولهذا قال الله تعالى: {خُلِقَ مِن ماء دَافِقٍ يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصلب وَالتَّرَائِبِ} [الطارق: ٦، ٧].

ومن المعلوم أن الماء الدافق هو ماء الأب، على هذا نقول: يُستثنى من عموم الآية ما إذا عمل الولد عملاً صالحًا لأبيه أو أمه، ولكن هل نطلق ونقول: إذا عمل عملاً صالحًا، أو نقول: ما إذا عمل عملاً صالحًا هو المال فقط؟ قال بعض العلماء كذلك، ضيق الخناق وقال: لا يخصص العموم إلا بالصورة الواقعة فقط، وهي ما إذا تصدق الإنسان عن أبيه وأمه، وأما لو قرأ القرآن أو صلى ركعتين أو صام يومًا أو يومين تطوعًا، فإن

<<  <  ج: ص:  >  >>