في هذا الحديث من الفوائد: أولاً: حرص الصحابة على معرفة الأحكام الشرعية حيث يأتون يستفتون رسول الله (صلى الله عليه وسلم)
ثانيًا: أنه ينبغي للعاقل الحازم أن يبادر بالأمر الذي يُوصي به خوفًا من أن يأتيه الموت بغتة قبل أن يوصي، ويدل لهذا أيضًا ما سبق من حديث ابن عمر «وما حق أمرى مسلم ... » إلخ.
ومن فوائد الحديث: أن الوصية كانت معروفة عندهم، حيث قال:«إنها افتلتت نفسها ولم توص»، فهذا يدل على أن الوصية كانت معروفة عندهم وأن من لم يوص فإن أمره يكون غريبًا.
ومن فوائد الحديث: العمل بالظن ولكن لابد أن يكون هناك قرائن فإن لم يكن قرائن فإن الظن أكذب الحديث، لكن إذا وُجِدَت قرائن فلا حرج أن يعمل الإنسان بظنه، إلا أن يترتب على ذلك محظور شرعي فإنه لا يُعمل بالظن ولو قويت القرينة، فلو أن شخصا رأى امرأة تدخل بيتًا فيه غير محارم لها والبيت محل تهمة فهل يجوز أن يشهد بأن هذه المرأة زنت مع أنه كان يغلب على ظنه؟ لا يجوز أن يشهد بذلك لأنه يترتب على هذا مفسدة عظيمة.
وفي القصة التي وقعت في عهد عمر (رضي الله عنه) أن أربعة شهدوا على رجل بالزنا فقال عمر: تشهدون بالزنا؟ قالوا: نعم، قال: تشهدون أن ذكره في فرجها؟ قالوا: نعم، فأمسكهم واحدًا واحدًا؛ لأنه استبعد أن يقع الزنا من المشهود عليه فأمسك بهم واحدًا واحدًا، أمسك بالأول وقال: تشهد بهذا؟ قال:«نعم» والثاني والثالث مثله وثبتوا عل شهادتهم: الرابع لما لم يبقَ إلا هو قال المشهود عليه: يا فلان! اتق الله لا تشهد بما شهد به أصحابك والله لو كنت بين أفخاذنا ما استطعت أن تشهد بما شهدوا به! فقال الرابع: مهلاً يا أمير المؤمنين! أنا رأيت استا تنبو وذكرًا ينزو، لكنني لا أشهد أن ذكره في فرجها فكبر عمر فرحًا قال: الله أكبر، وجلد الثلاثة الأول كل واحد ثمانين جلده وأبرأ الرابع لماذا؟ لأن هؤلاء الثلاثة قذفوه والرابع لم يقذف، فانظر الآن مع أن القرينة قوية لكن يترتب عليها هدم عرض المسلم وعرض المسلم ليس بهين، فبذلك رُفِعَ حدُّ القذف عن الرابع لأنه لم يصرح أما الثلاثة فإنهم صرحوا بالزنا، ولهذا قلت لكم: إن الأربعة شهدوا بالزنا، ولكن لما جاء بهم واحدًا واحدًا ثبت ثلاثة منهم على أنهم رأوا الذكر في فرجها، أما الرابع فلم يقل ذلك لكن رأى أمرًا عظيمًا، إذن العمل بالظن جائز إلا في المواضع التي يُشترط فيها اليقين، ويكون فيها ضرر؛ فإنه لا يُعمل بالظن.
من فوائد الحديث: انتفاع الأم بصدقة ابنها لقوله: «وأفلها أجر إن تصدقت عنها؟ قال: نعم» فأثبت النبي (صلى الله عليه وسلم) الأجر لأمه إذا تصدّق عنها، وفي هذا دليل على أن الجواب يُغني عن?