الشارع فيكون شاملا، ثم نقول: هل تقولون إن لحم الخنزير في قوله: {ولحم الخنزير}[المائدة: ٣].
خاص باللحم الأحمر؟ فسيقولون: لا، عام، وهذا أيضا مثله عام ولا فق.
ثالثا: نقول لا يوجد في الشريعة الإسلامية حيوان تتبعض أحكامه بحسب أجزائه أبدا، هذا يوجد في الشريعة اليهودية، حرم الله - سبحانه وتعالى- بعض أجزاء الحيوان لظلمهم {فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبت أحلت لهم وبصدهم عن سبيل الله كثيرا}[النساء: ١٦٠]. وبين ذلك في قوله:{وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذي ظفر}[الأنعام: ١٤٦]. هذه واضحة، حرم كل الحيوان، {ومن البقر والغنم حرمنا عليهم شحومها إلا ما حملت ظهورهما أو الحوايا أو ما اختلط بعظم}[الأنعام: ١٤٦]. فهذا حيوان واحد اختلفت أحكامه بحسب أجزائه، لكن في الشريعة الإسلامية لا يمكن، فلو قلنا بما قال به بعض العلماء - رحمهم الله- انه لا ينقض من لحم الإبل إلا اللحم الأحمر؛ لزم من ذلك تبعض الأحكام في حيوان واحد، فهذا إذا أكل من الكبد نقول: صل بلا وضوء ما دمت على وضوئك الأول، والثاني الذي أكل من اللحم الأحمر نقول: توضأ وهو حيوان يسقى بماء واحد ويتغذى بغذاء واحد فلا فرق.
فإن قال قائل: يلزم على قياسكم هذا على لحم الخنزير أن توجبوا الوضوء من المرق ومن اللبن.
فالجواب: التزم بهذا بعض العلماء وقال: يجب الوضوء من مرق لحم الإبل، ومن ألبان الإبل، وهذا اللزوم يدفع الاعتراض الذي اعترض به من منع قياس لحم الخنزير، لكن نقول: إنه قد دل الدليل على أن الوضوء من ألبان الإبل ليس بواجب في قصة العرنيين الذين اجتووا المدينة وأصابهم مرض فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يلحقوا بإبل الصدقة، ويشربوا من أبوالها وألبانها، ولم يقل: توضئوا مع أالمقام يقتضي أن يقوله لو كان الوضوء واجبا؛ إذ إنهم قوم جهال بالشريعة يحتاجون إلى بيان فهذا هو الذي منعنا أن نوجب الوضوء من ألبان الإبل، والمرق من باب أولى لا يجب.
فلو قال قائل: إذا أكل شيئا يسيرا كرأس العصفور يتوضأ أو لا؟ نعم يتوضأ، هل يمكن أن نقول: إذا أكل ما يفطر به الصائم توضأ، يعني: ولو يسيرا، يعني: ولو كان خلال الأسنان؟
الجواب: هذا هو الظاهر ما دام أكل شيئا له جرم يصل إلى المعدة فإنه يجب عليه أن يتوضأ.
فإن قال قائل: فهمنا الحكم وسلمنا ورضينا، وقلنا: لله تعالى أن يحكم بما شاء، فهل تلحقون بلحم الإبل لحم البقر؛ لأن كلا منهما يجزئ عن سبع شياه؟