له ابنان وابنه الثالث قد مات وله أبناء فأوصى لأبناء ابنه هل يصح؟ نعم، لماذا؟ لأنهم غير وارثين فهنا نجد أن الوصية لأبيهم غير صحيحة، والوصية لهم صحيحة، والعلة أن أباهم وارث وهم غير وارثين، وانتفاء الوصية معلق بالإرث «لا وصية لوارث».
ومن فوائد الحديث: أنه لا يجوز تقديم الأحكام على حكم الله أي حكم، وجهه قوله:«لا وصية لوارثة، فإذا كان لا يجوز أن يتقدم على حكم الله في نصيب الورثة فما بالك في الحكم العام؟ وعليه فالحكم بالقوانين يُعتبر تعديًا على حدود الله؛ لأنه إذا كان الإنسان لا يزيد وارثًا على ميراثه الذي قدم له؛ لأن ذلك تعد على حدود الله، فكذلك من غير الحكم رأسًا؛ لأن الذين يحكمون بالقانون -نسأل الله لنا ولهم الهداية-، غيروا الحكم رأسًا، يعني: نزعوا حكم الله ووضعوا بذله حكم القانون، ولهذا كانت هذه المسألة كبيرة جداً ليست مثل شخص حكم في قضية معينة بغير ما أنزل الله؛ لأن واضع القانون واضح أنه استبدل شرع الله بغيره، لكن الذي حكم بغير ما أنزل الله في قضية معينة قد يكون الحامل له على الحكم هوى النفس مع اقتناعه بحكم الله، قد يكون الحامل له على الحكم العدوان على المحكوم عليه؛ لأنه يبغضه بغير دافع الشرع وواضع القانون محله؛ لأن هذا كفر؛ لأن الذي يرفع الشرع ويضع القانون محله، لا شك أنه يعتقد بأن القانون خير للناس من شرع الله، والله يقول:{وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ}[المائدة: ٥٠]
ومن فوائد الحديث: أن تحريم الوصية للوارث إنما هو لحفظ حقوق الورثة وجه الدلالة حديث ابن عباس «إلا أن يشاء الورثة».
ومن فوائده: لو أجاز الورثة الوصية لأحد منهم فالوصية نافذة؛ لقوله:«إلا أن يشاء الورثة»، ولكن هل تعتبر مشيئة الورثة بعد الموت فقط، ولا تعتبر قبله أو لا؟ في هذا للعلماء أقوال ثلاثة:
الأول: أنهم إذا أجازوا ولو قبل الموت ولو في الصحة فالوصية نافذة، مثاله: رجل صحيح شحيح جمع أولاده الثلاثة اثنان منهم بالغان والثالث صغير، وقال لهم: يا أبنائي! أخوكم الصغير صغير وأنتم عندكم والحمد لله أموال كثيرة اسمحوا لي أن أوصي له بربع مالي، فقالوا: نسمح لك، أنت مسامح، أنت في حل، وإن لم تُوص له لأعطيناه، فأوصى له ثم مرض ومات فهل تصح الإجازة؟ على قول من يرى أن الإجازة صحيحة مطلقًا تصح، ولكن الصحيح أنها لا تصح في هذه الحال، وذلك لأن الرجل صحيح شحيح، ولا ندري أيرث أبناءه أم يرثه أبناؤه، فسبب الموت غير موجود، فلا تصح الإجازة، لكن لو أجازوا بعد موته صار ذلك ابتداء عطية، أو تنفيذًا على خلاف بين العلماء.