الأمة نصف، وأخبر أن الجنة مائة وعشرون صفا، وأن هذه الأمة ثمانون صفا، فتكون هذه الأمة بمقدار الثلثين، لكن كيف تكون مقدار الثلثين لابد من سبب من أسباب ذلك كثرة النسل في الأمة، فإذا كثر النسل في الأمة كثرت الأمة.
يُستفاد من هذا الحديث فوائد: منها: وجوب النكاح لقوله: «يأمرنا بالباءة»، والأصل في الأمر الوجوب، ويؤيد ذلك أنه ينهى عن التبتل نهيًا شديدًا، والتبتل ضد النكاح، فإذا كان ينهى عنه تهيا شديدا صار الأمر بالباءة أمرا أكيدا، وهذا القول هو الراجح أن النكاح واجب على الإنسان لكن بشرط القدرة، فإن لم يكن قادراً فإنه لا يجب لقوله تعالى:{لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا}[البقرة: ٢٨٦].
ومن فوائد الحديث: النهي عن التبتل، فالإنسان لا يتبتل حَتَّى لو فرض أنه تزوج وأتى بالواجب ثم ماتت زوجته أو طلق فإنه يُنهى أن يتبتل، لأن بعض الناس ربما يتدين بعد زواجه ثم يقول: ما لي وللنساء، فيطلق زوجته، فنقول له: هذا حرام عليك أن تتقرب إلى الله بترك النكاح، لأن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: «من رغب عن سنتي فليس مني»، ونهى عن التبتل نهيا شديدا.
وَمِنْ فوائد الحديث: أن النهي ينقسم إلى شديد وخفيف، فالنهي الخفيف يقتضي الكراهة، والشديد يقتضي التحريم.
ومن فوائد الحديث: أن الأوامر والنواهي تتفاضل فبعضها أوكد من بعض، يعني: بعض المنهيات أو بعض المأمورات أوكد من بعض؛ لقوله:«ينهى نهيًا شديدًا»، وقد عرفتم أن الذنوب تنقسم إلى صغائر وكبائر، والصغائر تتفاوت، وكذلك الكبائر تتفاوت.
ومن فوائد الحديث: مشروعية انتقاء المرأة الودود الولود، فإن قال قائل: إذا تعارضت الموادة والولادة مع الدين فأيهما يقدم؟ الدين، لأن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: «اظفر بذات الدين تربت يمينك».
ومن فوائد الحديث: أنه كلما كانت المرأة أقوى ودًا للرجل كان ذلك أسعد للحياة، ويؤيد هذا قوله تعالى:{وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً}[الروم: ٢١]. لتقوي ذلك السكون وهو كذلك، ووجهه: أن المودة محلها القلب، والقلب مُدّبر الأعضاء، فإذا صلح صلحت، وإذا فسد فسدت، وإذا أحب أحبت، وإذا كره