العكس فإنه لا يجوز له النظر؛ لماذا؟ لأن النظر هنا لا فائدة منه، إذ إن الفائدة هِيَ أن يقدم على طلب المرأة فيما يُجاب، فإذا علم أنه لن يُجاب إلى ذلك فإنه لا يجوز، مثاله: ما اشتهر عند القبائل، ولاسيما القبائل البدوية أنه لا يمكن أن يزوجوا شخصا غير قبلي، فهنا لو أراد أن يخطب ابنتهم فإنه لا يجوز أن ينظر، لماذا؟ لأنه يغلب على ظنه عدم الإجابة، ومثل ذلك ما يفعله بعض من يدّعون أنهم أشراف وأنهم من سلالة النبي (صلى الله عليه وسلم) لا يُزوّجون أحدا من غيرهم وهذا لا شك أنه خطأ عظيم، وأنهم بذلك جاهلون، ومع ذلك هم مصممون على ألا يزوجوا إلا من يكون شريفا، فهذا لو تقدم أحد ليس بشريف فإنه لا يجوز أن ينظر؛ لأن الغالب على الظن أنهم لا يُجيبون.
الرابع: ألا يتمتع بالنظر إلى المرأة المخطوبة، وبناء على هذا الشرط يكون النظر مقدرًا بقدر الحاجة، فإذا اقتنع من رؤيتها ودخلت خاطره فليكف؛ وذلك لأن ما أبيح للحاجة فإنه يتقدّر بقدرها ولا يجوز أن يزيد عليها، والتمتع بالنظر إليها يفضي إلى الاستمرار في النظر.
الخامس: أن أمن ثوران الشهوة، فإن كان لا يأمن فلا يجوز النظر، وفي هذا الشرط شيء من النظر؛ لان الإنسان لا يأمن كل إنسان يتقدم إلى امرأة يخطبها قد لا يأمن، صحيح أن يقال: إذا أحس بالشهوة وجب الكف وأما أن يأمن ثورانها فهذا شيء قد لا يتحقق، لكن متى أحس وجب عليه الكف لخوف الفتنة، إذا تمت الشروط جاز النظر.
وهل يشترط أن تكون عالمة بحضور الخاطب؟ لا يشترط، فلو نظر إليها بدون أن تشعر به فلا بأس، ولكن لو كانت عالمة فهل يجوز أن تأتى إليه قصدًا؟ الظاهر أنه في الزمن الأول لا يمكنه هذا لقوله:«إن استطاع أن ينظر»، وهو إلى عهد قريب غير ممكن إطلاقًا، ولا أحد يفكر بأن مخطوبته تأتي إليه عن قصد وعَمَّد، وأظن هذا لابأس به إن شاء الله.
ولكن هل يجوز أن يتحدث إليها حديثًا طويلاً؟ الظاهر أنه لا يجوز أن يتحدث إليها حديثًا طويلا، لأن المقصود هو الاستعلام فقط، فإذا حدثها بحديث قصير بحيث يعرف كلامها وصوتها فإن ذلك كافي أما غير ذلك فهي أجنبية منه فلا يتحدث إليها، وكذلك من باب أولى