والقسم الثالث: أن يجهل، وفي هذه الحال سواء غلب على ظنه أنه قبل أو أنه رُدّ أو استوى الأمران، فالأقسام إذن ثلاثة: أن يعلم أنه رُدّ وفي هذه الحال يجوز أن يخطب، ومن أين نأخذها؟ من الحديث، لأنه إذا رُدّ فالخطبة غير قائمة، أن يعلم أنه قبل فهنا لا شك أنه حرام عليه.
وهذان القسمان لا إشكال فيهما.
القسم الثالث: ألا يعلم أقبل أم رُدّ، وهذه تحتها ثلاث حالات: أن يغلب على ظنه أنه قبل، أن يغلب على ظنه أنه رُد، أن يستوي الأمران، وفي هذه الأحوال الثلاث لا يجوز على القول الراجح أن يخطب على خطبة أخيه، لأن الرسول (صلى الله عليه وسلم) علق الحكم بالخطبة وليس بالقبول، وذهب بعض أهل العلم إلى جواز الخطبة في هذه الحال، أي: إذا كان لا يعلم أنه قيل ولا يعلم أنه رُدّ قالوا: لأنه حَتَّى الآن لم يتعلق حقه بالمرأة، ولكن هنا القول مُخالف لظاهر الحديث؛ ولأن المرأة وإن لم تكن قبلت أو أولياؤها، لكن قد تكون مالت إلى القبول، فإذا خطبها الثاني، رجعت عن الميل إلى قبول الثاني، فيصير في هذا عدوان، وفي البيع «نهى النبي (صلى الله عليه وسلم) عن السوم على سوم المسلم»، مع أن البيع لم ينعقد، لكن إذا مال البائع إلى السائم فإنه لا يجوز لك أن تسوم عليه هذه مثلها، فالصحيح أنه لا يجوز أن يخطب حتى يعلم أنه ردّ.
قال:«أو يترك الخاطب»، هذه الحال الثانيةُ، إذا ترك الخاطب عُلم أن الخاطب ترك خطبة المرأة وعدل، ولكن بأي طريق يعلم؟ سبق لنا أنه يعلم بالصريح كان يقول: والله أنا خطبت ولكن عدلت، أو يعلم من خبر ثقة أنه عدل، المهم أنه إذا ترك جازت الخطبة؛ لأنها الآن غير قائمة.
الحال الثالثة:«أو يأذن له»، إذا أذن له وقال: يا فلان، علمت أنك تذكر فلانة وأنا قد خطبتها، ولكن آذن لك، ففي هذه الحال يجوز أن يخطب، فصار جواز الخطبة على خطبة الإنسان تكون في ثلاثة أحوال، وظاهر الحديث أنه لو أذن لغيره فإنه لا يحل لغير المأذون له أن يتقدم للخطبة، لأن الحديث نص أن يأذن له، وكما قلنا في شرح الحديث إن الإنسان قد يأذن لشخص ولا يأذن لآخر، والأصل الحرمة واحترام الخاطب حَتَّى يقوم دليل على أن هذا الأصل قد زال.