أن يبقى قلبه مُعَلقا بالزوجة فيفسد عليه الإقبال على نسكه، ولهذا نهى النبي (صلى الله عليه وسلم) عن ذلك، كذلك «ولا ينكح» أي: لا ينكح غيره وهذا في الولي، فإذا كان الولي محرما فإنه لا تزوج موليته ولو كانت حلالاً، ولو كان زوجها الذي تزوجها حلالاً.
وفي رواية له:«لا يخطب» يعني: لا يتقدم لشخص يخطب مُوليته ابنته أو أخته، والحكمة في ذلك: هي تعلق القلب واشتغاله بهذه الخطبة.
وقوله:«ولا يُخطب عليه» يعني: المرأة إذا كانت مُحرمة فإنها لا تُخطب، فنهى النبي (صلى الله عليه وسلم)
عن عقد النكاح وعن وسائله وذرائعه، الوسائل والذرائع هما الخطبة والنكاح والعقد.
ففي هذا الحديث: تحريم نكاح المحرم، يُؤخذ ذلك من قوله:«لا ينكح»، وهو إن كان بالجزم فهو نهي صريح، وإن كان بالرفع فهو نفي بمعنى النهي، وظاهر الحديث أنه ما دام مُحرمّا فالنكاح غير صحيح حتى ولو بقي عليه التحلل الثاني، مثاله: رجل كان حاجا فرمى جمرة العقبة يوم العيد وحلق حل التحلل الأول هل يجوز أن يتزوج؟ ظاهر الحديث أنه لا يجوز، ولكن القول الثاني في المذهب - وهو اختيار شيخ الإسلام-: أنه يجوز، وقال: إن قوله: «المحرم»«أل» تفيد الكمال، يعني: المحرم إحرامًا كاملاً وأما ما بعد التحلل الأول فإن المحرّم.
النساء كما جاء في الحديث:«إذا رميتم وحلقتم حل لكم كل شيء إلا النساء»، وهذا عقد وليس نساء، فلهذا ذهب شيخ الإسلام، وجماعة من العلماء وأظنه رواية عن أحمد أنه يجوز عقد النكاح بعد التحلل الأول، ولكن المشهور من المذهب أنه كالعقد قبل التحلل الأول، والذي ينبغي للمفتي في هذه المسألة أنه إذا كان ابتداء العقد فلا يُعْقد، لكن لو فرض أن أحدا قد عقد فهذا هُوَ الذي ينبغي أن يُقال فيه بالقول الثاني لصعوبة تجديد العقد؛ ولأنه ربما يكون هناك ذرية جاءوا من بعده، مثال هذا: لو أن شخصا حج ورمى وطاف وسعى ولكن لم يحلق ثم عقد النكاح قبل أن يحلق وقبل أن يفدي عن الحلق فماذا نقول؟ نقول: هذا صحيح، أما لو قال: أريد أن أعقد النكاح، قلنا له: أصبر حَتَّى تحل التحلل الثاني احتياطا وإبراءً للذمة.
من فوائد الحديث: أنه لا ينبغي للإنسان أن يأتي بما يشغله عن العبادة أو بما يكون ذريعة لإفسادها؛ من أين يؤخذ؟ من نهي المحرم عن النكاح؛ لأنه إما أن يشتغل، وإما أن يدخل فيفسد نسكه.
ومن فوائد الحديث: تحريم خطبة المخرم خاطبًا كان أو مخطوبا، لقوله:«لا يخطب»«ولا يخطب عليه».