الشروط في البيع يُستحل بها الانتفاع بالمبيع، والشروط في النكاح يُستحل بها الأبضاع، واستحلال الأبضاع أخطر من استحلال التصرف في المبيع والملك أخطر بكثير، فإذا كان أخطر كان الوفاء بالشروط المشروطة فيه أولى وأحق ولهذا يقول:«إن أحق الشروط ... إلخ».
«الفروج»، جمع فرج، والمراد به: الفروج التي أحل الله، وهي فروج النساء.
بالنسبة للشروط في النكاح في قوله:«إن أحق الشروط أن يُوفى به ما استحللتم به الفروج»، تنقسم إلى ثلاثة أقسام: شرط بمقتضى العقد، وشرط لمصلحة العاقدين ولا يُنافي العقد وشرط ينافي العقد.
فالشرط الذي يكون بمقتضى العقد: هُوَ الذي يثبت سواء شرط أو لم يشرط مثل الإنفاق على الزوجة لو اشترطت المرأة في العقد أن يُنفق عليها الزوج، فهذا الشرط ثابت بمقتضى العقد، وشرطه ليس إلا توكيدا فقط، لو اشترطت الزوجة أن يقسم لها مثل ضرتها فهذا شرط ثابت بمقتضى العقد ولو اشترطته فهو توكيد، لو اشترط الزوج على الزوجة أن تُطيعه فيما يلزمها طاعته فيه هذا بمقتضى العقد لا حاجة لشرطه لكن شرطه يكون توكيدًا.
الثاني: ما كان مُخالفا لمقتضى العقد، أي: محرمًا، مثل أن يشترط الزوج على الزوجة ألا تمنعه من الجماع وقت الحيض فهذا الشرط لا يصح وحرام ولا يجوز الوفاء به، ومثل: أن تشترط الزوجة على الزوج أن يقسم لها أكثر من ضرتها أيضا هذا شرط باطل محرّم ولا يجوز الوفاء به أما ما عدا ذلك فهو يثبت بالشرط، والأصل فيه الحل إلا ما دل الشرع على المنع، مثل أن تشترط مهرا معينا تقول مهري ألف درهم أو هو يشترط ألا يزيد المهر على ألف درهم فهذا جائز، ومثل أن تشترط البقاء في بلدها أو البقاء في بيتها فهذا أيضا جائز، ومثل أن تشترط عليه خادمًا يخدمها، يعني: امرأة تخدمها فهذا جائز، والأصل في هذا القسم الحل إلا ما قام الدليل على منعه، إذا اشترط عليها هو ألا يقسم لها وأن يأتيها متى أراد فهذا جائز على القول الصحيح، يجوز أن يشترط ألا يلزمه قسّم لها؛ لأن هذا حق لها أسقطته، ولهذا أسقطت سودة بنت زمعة حقها من القسم لعائشة"، لو شرطت عليه أن يحج بها يصح، لو شرطت عليه ألا تُرضع ولده الظاهر أنه غير صحيح إلا إذا قيل: يصح ما لم يضطر الصبي إليها، فإن اضطر الصبي إليها فلا يصح، على كل حال: اعلموا أن الأصل في هذا هو الجل والجواز إلا ما دل الدليل على منعه
فالأقسام إذن ثلاثة: ما كان ثابتًا بمقتضى العقد وهذا يكون شرطه توكيدًا، وما كان مُحَرَمًا