وأشر من ذلك إذا كان لا يصلي؛ بعض الناس يقول: نزوجه لعل الله يهديه، فيزوجوه فتاة دينة طيبة فينكد عليها حياتها بحجة أنه ربما يهديه الله، نحن نقول: ربما يهديه الله، وربما يفسد المرأة، ولهذا يجب علينا إذا استشرنا في أمثال هؤلاء أن نبين النصيحة ولو كان أقرب الناس إلينا:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوْ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ}[النساء: ١٣٥].
٩٥٧ - وعن عائشة (رضي الله عنها) قالت: «طلق رجل امرأته ثلاثا، فتزوجها رجل، ثم طلقها قبل أن يدخل بها، فأراد زوجها أن يتزوجها، فسأل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عن ذلك، فقال: لا، حتى يذوق الآخر من عسيلتها ما ذاق الأول». متفق عليه، واللفظ لمسلم. قوله:«طلق امرأته» يعني: مرة، ثم مرة، ثم مرة، وليس المراد: أنه قال: أنت طالق ثلاثا، لأن أنت طالق ثلاثا في عهد الرسول (صلى الله عليه وسلم) لا تعد إلا واحدة، كل ما جاءكم «بت طلاقا» أو «طلقها ثلاثا» فالمراد: واحدة بعد الأخرى، ولهذا في هذا الحديث ألفاظ متعددة طلقها آخر ثلاث تطليقات. وقوله:«قبل أن يدخل بها» أي: قبل أن يجامعها، «فسأل ... » إلخ، هذا سبقت الإشارة إليه، وأن الزوج الثاني لا بد أن يجامع، فإن عقد عليها وخلا بها دون أن يجامعها ثم طلقها فإنها لا تحل للأول. وقوله:«من عُسيلتها»، هل العُسيلة هي الإنزال أو مجرد الجماع؟ الجواب الصحيح: أنها مجرد الجماع، وأنها تحل للأول وإن لم يحصل إنزال، لأن الجماع نفسه كما قال الرسول (صلى الله عليه وسلم): «عُسيلة»، ولكم مع الإنزال لاشك أنه أتم. وعلى هذا فنقول: إنه لا تحل للزوج الأول حتى يجامعها الزوج الثاني، فإن طلقها قبل أن يجامعها ولو كان قد خلا بها أو قبلها أو ضمها فإنها لا تحل للزوج الأول لابد من جماع. بقي علينا مسألة: هل العبرة بنية الزوجة أو بنية الزوج أو بنية الولي؟ قال الفقهاء:«من لا فرقة بيده لا أثر لنيته». وعلى هذا فالمرجع لنية الزوج، لأنه هو الذي بيده الفرقة هي لو نوت أنه إذا حللها للزوج الأول عادت للأول ليس بيدها لو قالت الزوجة: طلقني، قال: لا، فالعبرة بنية الزوج، وقال بعض العلماء: بل بنيتها أو بنية الزوج، أما كون العبرة بنية الزوج فالأمر ظاهر؛ لأنه هو الذي بيده عقدة النكاح، وأما كون نيتها معتبرة؛ فلأنها قد تسعى إلى أن يفارقها الزوج بأي حيلة، ماذا تصنع؟ تنكد عليه إذا قال: سوي الشاي سوت حليباً أو بالعكس، أو تقول: لا