قال:«وفي إسناده راوٍ لم يسم» إذن فهو مبهم مجهول، وحديث المجهول مجهول مردود لا يصح. إذن هذا الحديث نأخذه فوائده، وبعدئذ إذا تبين أنه باطل بطلت فوائده. هذا الحديث يدل على أن العرب بعضهم لبعض أكفاء ولو كانت القبائل بعضها مع بعض أشرف: يعني: لو كان بعض القبائل أشرف من بعض فإن العرب كلهم أكفاء بعض. فيستفاد من ذلك أيضا: أن ما يفعله بعض المنتسبين لآل البيت في وقتنا الحاضر من كون الهاشمي لا يزوج إلا هاشمية منكر لا أصل له من الشرع، ولهذا تجد النساء عندهم عانسات وتجد الشباب في ضيق، لأن الشاب في عاداتهم لا يمكن أن يتزوج غير هاشمية أو غير امرأة من آل البيت والشابات أيضا لا يمكن أن يزوجن بغير هاشمي أو من آل البيت، ويحصل بهذا شر كثير مع أن هذا القول ليس له أصل، آل النبي (صلى الله عليه وسلم) لاشك أن لهم خصائص، لكن ليس من خصائصهم ألا يتزوجوا من أحد وألا يتزوج منهم أحد. وظاهر هذا الحديث: أن العرب أكفاء لبعض مطلقاً، ولكن لابد أن نلاحظ ما أسلفناه في مقدمة البحث وهو كفاءة الدين، فالعربي الكافر ليس للعربية المسلمة مهما كان حتى لو كان الكافر من أهل الكتاب، لو فرضنا أن عربيا تنصر وأراد أن يأخذ امرأة مسلمة، قلنا: لا، ليس لك ذلك، هنا إشكال أورده بعض النصارى قالوا: الإسلام ليس فيه عدالة، لماذا؟ قال: لأنه يجيز لأهله أن يتزوجوا بالنصرانية ولا يجيز النصراني أن يتزوج بمسلمة وهذا جوز؟ هذه شبهاتهم التي يأتون بها، يقال: إن هذا أورد على بعض طلبة العلم فقال: الجواب على هذا سهل؛ لأن المسلم يؤمن بمحمد وعيسى، والنصراني لا يؤمن إلا بعيسى، هو يتزوج امرأة نصرانية؛ لأنه يؤمن برسولها ولا يمكن أن نزوجها رجلاً لا يؤمن برسولها. ومن فوائد الحديث: أن الموالي بعضهم لبعض أكفاء، فهل يؤخذ منه أن المولى لا يكون كفؤا للعربي؟ قد يؤخذ، وقد لا يؤخذ، وقد لا يؤخذ، استمع إلى قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنثَى بِالأُنثَى}[البقرة: ١٧٨]. ومعلوم أن العبد يقتل بالحر مع أن الله تعالى يقول:{الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ}، ولو قتل العبد حراً لقتل، صحيح لو قتل الحر عبدا لكان عند كثير من العلماء لا يقتل، وإن هناك خلاف في المسألة، فإن بعض العلماء يقول: إذا قتل الحر عبداً قتل به، ويستدلون بالعمومات وبأدلة أخرى تأتي في باب القصاص. -- أن الحائك ليس كفؤاً لغير الحائك لقوله:«إلا حائكاً»، وأن الحجام ليس كفؤا لغير الحجام لقوله:«أو حجاماً» وإذا قلنا: هذا الحديث ضعيف سقطت هذه الفوائد إلا ما شهدت له النصوص الأخرى ككفاءة الدين مثلاً.