للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم قال: «وله شاهد عند البزار بسند منقطع» فما الفائدة؟ هذا الشاهد قد نقول: هذه شهادة غير مقبولة، لأنه إسناد منقطع لانقطاع السند، من هذا المنقطع؟ قد يكون من الكذابين ما ندري، الأول رواية لم يسم، والثاني سنده منقطع، أين قوة هذا بهذا، ثم إن أبو حاتم (رحمة الله) استنكره إما عن طريق المتن وإما عن طريق السند.

٩٥٩ - وعن فاطمة بنت قيس (رضي الله عنها)، أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال لها: «أنكحي أسامة». رواه مسلم. فاطمة بنت قيس من صميم العرب، وأسامة بن زيد بن حارثة أصله عربي، لكنه مولى جرى عليه الرق ووهبت خديجة زيداً للرسول (صلى الله عليه وسلم) وولده أسامة، أعتقه الرسول فكان له الولاية عليه وعلى ذريته، لأن الإنسان إذا أعتق صارت ولايته له ولاية ذريته أيضا، فأعتقه الرسول (صلى الله عليه وسلم) وكان أسامة بن زيد مولى لكنه مولى كان النبي (صلى الله عليه وسلم) يحبه ويحب أباه مع أنه مولى وأكرمه في حجة الوداع إكراماً لم ينله أحد من العرب أردفه خلفه قبل أن يردف الفضل بن العباس؛ لأنه أردف أسامة في سيره من عرفة إلى مزدلفة، وأردف الفضل بن العباس في سيره من مزدلفة إلى منى المدى قريب والإرداف متأخر، فإرداف أسامة أطول من إرداف الفضل وأيضاً أقدم، قدمه الرسول (صلى الله عليه وسلم) على كل العرب، أسامة (رضي الله عنه) أمر النبي (صلى الله عليه وسلم) فاطمة أن تتزوجه، لأن فاطمة جاءت تستشيره في ثلاثة خطبوها: أسامة بن زيد، والثاني: أبو جهم، والثالث: معاوية بن أبي سفيان، فقال الرسول (صلى الله عليه وسلم): «أما أبو جهم فضراب للنساء». وفي رواية: «فلا يضع العصا عن عاتقه» فقيل: إنه لا يضع العصا عن عاتقه لكثرة أسفاره، لأن العصا يحتاج إليها المسافر ليضرب الإبل، وقيل: لا يضع العصا ليضرب النساء وهذا الذي تفسره الرواية الثاني: «ضراب للنساء»، والضراب للنساء غير مرغوب عند النساء، وقال في معاوية: «صعلوك لا مال له» يعني: فقير. وقال: «انكحي أسامة»، قالت: «فنكحت أسامة واغتبطت به» أي: صار غبطة ببركة مشورة الرسول (صلى الله عليه وسلم). فإن قال قائل: كيف يقول الرسول (صلى الله عليه وسلم): «معاوية صعلوك لا مال له» وهو لا يدري فلعله يكون ذا مال، وفعلا كان ذا مال ماذا صار؟ صار خليفة من أكبر الخلفاء الذين يتباهون بالدنيا؟ فنقول في الجواب عن هذا: إنه يؤخذ منه فائدة مهمة جداً وهي أن العبرة في الأمور

<<  <  ج: ص:  >  >>