الفسخ، وإن نظرنا إلى أمر النبي (صلى الله عليه وسلم) لها بالصداق قلنا: إن هذا من الطلاق، لأن اختياره الطلاق يدل على أنه أرادها ولكنه لا يطيق العيش معها فطلقها، ولكن ربما يقول قائل: إننا نحملها على أنها للفسخ ويكون أمر النبي (صلى الله عليه وسلم) لها بالصداق من باب الكرم وإن كان لا يجب عليه؛ لأنها ضرته ولكن هذا من باب الكرم وما أكثر كرم النبي (صلى الله عليه وسلم) فهاهو مع جابر بن عبد الله اشترى منه الجمل وأعطاه الجمل والدراهم، إذن الأمر بالصداق إن كان بناء على أن قوله:«ألحقي بأهلك» طلاق فالأمر فيه ظاهر؛ لأنه طلاق بعد الخلوة، والطلاق بعد الخلوة موجب للصداق كاملاً، وإن كان المراد بقوله:«ألحقي بأهلك» الفسخ ففيه إشكال؛ لأن الزوج إذا فسخ عقد نكاح المرأة من أجل العيب رجع في الصداق، يعني: أخذ الصداق الذي هو بدل، فنقول في الجواب على الإشكال: إن هذا من باب كرم النبي (صلى الله عليه وسلم). على تقدير صحة الحديث يؤخذ منه: أن البرص أو البهق ينفسخ به النكاح وهو كذلك، فإذا وجد الزوج بامرأته برصاً فله الفسخ، وإن وجدت فيه هي برصاً فلها الفسخ، ولا فرق بين أن يكون هذا البرص في داخل الثياب أو في خارج الثياب بدليل أن الرسول رأى هذا البياض في كشحها في داخل الثياب، لا يقول قائل: إن الذي داخل الثياب مستور وإنه لا يظهر، نقول: لكن شعور الزوج أو الزوجة بهذا العيب يوجب تقزز النفس وكراهيتها، والحديث أصل في ثبوت الخيار في العيب، وإذا ثبت الخيار بالعيب فإن الزوج قد بذل مهراً، فإذا فسخ من أجل العيب هل يضيع مهره؟ لا، نقول: المهر إن كان بعد الدخول أعطى المهر ثم رجع به الزوج على من غره، من الذي غره؟ الولي المباشر إلا إذا كان الولي غير عالم بالعيب فيرجع به على المرأة هذا إذا كان الصداق قد تقرر بالدخول، أما إذا علم بالعيب قبل أن يدخل بها يفسخ وليس لها شيء؛ لأنها غرته وخدعته. الخلاصة: إن كان الفسخ للعيب قبل الخلوة والدخول فلا مهر، وإن كان بعد الدخول أو الخلوة فلها المهر، ويرجع به الزوج على من غره وهو الولي، لأنه المباشر، فإن لم يعلم الولي رجع به على المرأة فإن لم تعلم المرأة مثل إن كان برص في ظهرها ولم يخبرها أحد به فلا شيء له؛ لأنه لم يخدع ولم يعز. هذه القاعدة في مسألة الفسخ بالعيب.
*ولكن ما هو العيب الذي يفسخ به هل هو محدود أو معدود؟ أولا: اختلف العلماء في الفسخ بالعيب؛ فمن العلماء من قال: لا فسخ، ويقال للزوج: إن رضيت بها معيبة وإلا طلقتها، المشكل إذا كان العيب في الزوج، فقالت المرأة: أنا لا أريده، يقولون: تصبر وتحتسب هذا من البلوى، وهذا مذهب الظاهرية أنه لا فسخ بعيب؛ لماذا؟ قالوا: لأن الآثار الواردة في الفسخ بالعيب ضعيفة لا ينبني عليها الحكم الشرعي، وقياس النكاح على