البيع غير صحيح، لماذا؟ لأن الظاهرية لا يرون القياس فهو عندهم باطل، وبتاء على هاتين المقدمتين ينتفي الفسخ بالعيب؛ لأن الآثار إذا كانت ضعيفة والقياس باطل ما عندنا دليل، لكن جمهور العلماء خالفوهم في هذا وقالوا: بل العيب مسوغ للفسخ سواء كان في الزوج أو في الزوجة، وقالوا: إن هذه الآثار إذا لم يصح كل واحد منها على انفراد فإنها بالمجموع تصح، ثانيا: القياس على العيب إذا كان الإنسان لو اشترى حماراً فوجد فيه عيباً فله رده والحمار يركب فكيف بالمرأة تبقى معه يجد فيها عيباً تزوج امرأة فإذا أذناها مقطعة وأصابعها مقطعة وصماء وعمياء بكماء كيف هذا؟ نقول: هذا ليس له خيار، ولو وجد الإنسان عيب في حماره قلنا: لك الخيار! ! ثم نقول: العيب منافٍ لمقتضى الزوجية؛ لأن الله قال:{وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً}[الزومر: ٢١]. وكيف تكون المودة مع عيب ينفر منه الإنسان ويود ألا يراه في حياته، أين المودة وأين السكن؟ فلهذا كان إيماء النص والآثار والقياس الصحيح كلها تدل على ثبوت فسخ النكاح بالعيب، يبقى النظر هل العيوب معدودة أو محدودة؟ قال بعض العلماء: إنها معدودة أربعة خمسة عشرة، وقال آخرون: بل هي محدودة، وهذا القول هو الصحيح، فلنتتبع الآثار التي ذكرها المؤلف.
٩٦٨ - وعن سعيد بن المسيب، أن عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) قال: «أيما رجلٍ تزوج امرأة فدخل بها، فوجدها برصاء، أو مجنونة، أو مجذومة، فلها الصداق بمسيسه إياها، وهو له على من غره منها». أخرجه سعيد بن منصور، ومالك، وابن أبي شيبة، ورجاله ثقات. «البرص» معروف، و «المجنونة» فاقدة العقل، و «المجذومة» أي: المصابة بالجذام، وقيل: هو الطاعون أو غيره، لكنه مرض معدٍ وقاتل، ولهذا قال العلماء: يلزم الإمام أن يعزل الجدماء في مكان خاص لئلا يعدو وأظن أنه يوجد الآن نوع من المستشفيات تسمى بالعزل -الحجر الصحي-؛ إذن نقول: كم عيباً؟ ثلاث. «فلها الصداق بمسيسه» أي: بجماعة إياها، لأن الدخول بالمرأة، يعني: الجماع، والخلوة غير الدخول، «وهو» الضمير يعود على المهر، «له»: أي: للزوج «على من غره منها»، إذن نقول للزوج الذي تزوج امرأة ودخل بها ووجد بها أحد هذه العيوب الثلاثة: أعطها الصداق وارجع به على من غرك وهو الولي لأنه المباشر، فإن كان الولي فقيراً فلا رجوع له على المرأة، بل