في السنة ثلاث مرات وهي امرأة شابة وتشتهي ما يشتهي الرجال وتدعوه وتتزين له تعمل كل شيء يقول: ما تمت أربعة أشهر ثم يطأها مرة؛ المرة الثانية على رأس ثمانية أشهر, والثالثة على رأس السنة, ولكن هذا القول ضعيف جداً, وإن كانوا يستدلون بمسالة الإيلاء للرجل المولي أربعة أشهر, لكن المولي عقد عقداً له حكمه أما غير المولي فليس كذلك, والصحيح أن مسالة الجماع يرجع فيها إلى العرف وهي داخلة في قوله تعالى:{وعاشروهن بالمعروف}[النساء: ١٩]. لكنها ليست كلما أرادت أن يفعل الزوج تلزمه, أما هو إذا أراد أن يفعل يلزمها؛ إذن يؤخذ من قوله:{نساؤكم حرث لكم} أن أمر الجماع راجع إلى الزوج.
ومن فوائد الحديث والآية: سعة رحمة الله عز وجل بأن أعطى الزوج شيئاً من الحرية في أن يأتي حرثه من حيث شاء؛ لأن الناس يختلفون في مذاقهم وفي مزاجهم, ربما بعض الناس يختار أن تكون على صفة معينة والآخر على صفة أخرى فيسر الله الأمر وقال:{فأتوا حرثكم أنى شئتم} يعنى: من حيث شئتم.
ومن فوائد الحديث والآية: الإشارة إلى تحريم الوطء في الدبر, وجهه:{فأتوا حرثكم}؛ لأن الدبر ليس موضع حرث مهما فعل الإنسان لا يمكن أن يولد له إذا كان الإتيان من غير المكان.
ومن فوائد الآية: الرد على طائفة مبتدعة وهي الجبرية؛ لأنهم ينكرون أن يكون للإنسان مشيئة يقولون: الإنسان لا يشاء فعله ولا يقدر عليه, وقد مر علينا في البحث في العقيدة بيان أوجه الرد الكثيرة على هذه الطائفة المبتدعة, وأنه لو أن أحدًا أمسك واحدًا منهم وضربه ضربًا مبرحًا, وقال: له إن هذا ليس بإرادتي وليس بمشيئتي, هذا أمر مقدر وكلما قال أوجعتني ضربه ثانية, وقال: هذا أمر مقدر, هل يوافق على هذا؟ لا يوافق, بل يخبطه خبطة أكبر, ويقول: هذا أمر مقدر, على كل حال: هذا القول لا يمكن أن يستقيم عليه حال من الأحوال, والآيات والأحاديث والواقع كله يشهد بأن هذا قول باطل. وهل يمكن أن يؤخذ من هذا الحديث أن الإنسان إذا تلا آية من القرآن للاستدلال أو لاستنباط لا يلزمه أن يقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم؟ ربما يؤخذ, لكن هناك أدلة أخرى تدل على أن الإنسان إذا أتى بالآية استشهادًا أو استنباطًا فإنه لا يلزمه أن يتعوذ, ومن العجيب أن بعض الغلاة في هذه المسألة يقول: قال الله تعالى: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم {نساؤكم حرث لكم} فنقول: كيف ذلك؟ الله لم يقل: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم, قال:{فإذا قرأت القرآن فاستعذ}[النحل: ٩٨]. فإذا كنت تريد أن تستعيذ فاستعذ قبل أن تقول: قال الله تعالى؛ لأنك إذا قلت: قال الله تعالى ثم قلت: أعوذ بالله صارت الاستعاذة من أمر الله وليس الأمر كذلك.