عنده علم من الكتاب من الذي جعله يأتي بهذه السرعة؟ قال العلماء: إنه دعا الله فحملته الملائكة إذن الملائكة أقوى من الجن وشياطين الجن فإذا شعر الإنسان بما أخبر الله به {له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله}[الرعد: ١١]. اطمأن وقالوا إن معنا قوة أكثر من قوة الشياطين. يقول:"حتى تصبح" يعني حتى يأتي الصباح, ذلك بطلوع الفجر, فياويلها إذا كانت في ليالي الشتاء تكون الليالي طويلة. ولمسلم:"كان الذي في السماء ساخطًا عليها حتى يرضى عنها" أي: الزوج؛ لأنه إذا بات غضبان فيسخط عليها رب العالمين حتى يرضى عنها الزوج وقوله:"كان الذي في السماء" هو الله, لكنه ذكره في السماء مبالغة في التعظيم؛ لأن المقصود السماء هو العلو والله -سبحانه وتعالى- هو العلو المطلق الذي لا شيء فوقه ولا شيء يحاذيه وهو في المخلوقات كلها وما فوق المخلوقات عدم إلا من الله؛ لأنه إذا كانت المخلوقات كلها تحت الله ما الذي يكون معه؟ لا شيء كله عدم؛ ولهذا نقول: الله في السماء ولا يحيط به شيء؛ لأنه ليس هناك شيء حتى يحيط بالله. وهذا الحديث وأمثاله مما فيه إثبات أن الله في السماء, يعتد أهل السنة والجماعة أن الله في السماء حقيقة وأن المقصود بالسماء هو العلو المطلق وليس السماء المبنى على أنه يمكن أن يراد به السماء المبنى ولا يدل ذلك على أن السماء محيط به أو على أنه في السماء مباشرة كما يقول:"استوى على العرش" فعلو الله على السماء بمعنى أن السماء تحته لا بمعنى أنه مستو عليها كما استوى على العرش. أقول: أهل السنة والجماعة يقولون: إن الله في السماء حقيقة؛ في العلو المطلق الذي ليس فوقه شيء ولا يحاذيه شيء, وهذا العلو المطلق هو عدم ليس فيه شيء لا سماء ولا أرض ولا كرسي ليس فيه إلا الله عز وجل كل شيء تحته, هذا مذهب أهل السنة والجماعة, وقال أهل التعطيل: إن الله ليس في السماء قيل لهم: {ءأمنتم من في السماء}[الملك: ١٦]. قال: نعم, من في السماء ملكه وسلطانه فيقال: هذا القول باطل؛ لأننا إذا قلنا: من في السماء ملكه وسلطانه احتجنا إلى تقدير والأصل عدم التقدير؛ ولأنه ليس من المعقول أن يكون ملكه وسلطانه فوقه لابد أن يكون هو فوق كل ما يملك وكل ما له سلطان عليه. فإن قال قائل: إذا جعلنا "في" للظرفية ألا يحصل إشكال؟
فالجواب: لا, ما دمنا نقول: إن السماء هنا هو العلو المطلق وليس السماء المبنية فلا إشكال والسماء يطلق في اللغة العربية بمعنى: العلو, قال أهل اللغة كل ما علاك فهو سماء