ثم سألوه عن العزل؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ذلك الوأد الخفي". رواه مسلم. هذا الحديث فيه أصول عظيمة تتبين فيما بعد, تقول:"حضرت رسول الله صلى الله عليه وسلم في أناس", "أناس" هو الأصل لكلمة ناس, لكن حذفت الهمزة لكثرة الاستعمال فصاروا يقولون الناس وقولها:"في أناس" لم يتبين هل هم في المسجد أو خارج المسجد؟ فهل هذا متوقف عليه فائدة أو لا؟ لا يتوقف, وجملة "وهو يقول" حال من الرسول. وقوله:"هممت" الهم هو حديث النفس وهو كقوله صلى الله عليه وسلم: "لقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام .. ". الحديث. فهو حديث النفس؛ يعني: حدث نفسه أن ينهي عن الغيلة؛ أي: أن يأمر الناس بالكف عنها و"الغيلة" هي وطء الحامل على أحد القولين والقول الثاني إرضاع الحامل يعني أن يطأ الإنسان امرأته وهي ترضع أو أن ترضع المرأة ولدها وهي حامل فعلى القول الأول: يكون نهياً عن السبب؛ لأن الرجل إذا جامع زوجته وهي ترضع فربما تحمل ثم ترضع الطفل وهي حامل, وعلى القول الثاني: يكون نهيا عن الغاية وهي أن ترضع المرأة وهي حامل؛ لأنهم يقولون: إن إرضاع المرأة طفلها وهي حامل يضر الطفل. يقول النبي صلى الله عليه وسلم:"فنظرت في الروم وفارس فإذا هم يغيلون أولادهم", "الروم" أمة معروفة تعيش شمال الجزيرة العربية, وفارس أمة معروفة تعيش شرق الجزيرة العربية, فارس ديانتهم المجوسية عباد النار, والروم ديانتهم النصرانية كلهم في ذلك الوقت كفار فنظر الرسول في حالهم فإذا هم يغيلون أولادهم فلا يضر ذلك أولادهم شيئًا؛ يعني: فتركت النهي عن الغيلة لماذا؟ لأن الروم وفارس بشر والطبائع البشرية لا تختلف باختلاف الدين؛ لأنها من مقتضى الطبيعة لكن لاشك أن الإيمان قد يزيد الغرائز الطيبة يزيدها قوة, لكن الأصل أن الطبائع البشرية يستوي فيها المسلم والكافر, وهذا سيجرنا إلى أن نقول:{أو نسائهن}[النور: ٣١]. ليس المراد: نساء المؤمنات, المراد: نساء؛ وذلك لأن المرأة سواء كانت كافرة أو مسلمة لا فرق بينهما بالنسبة للنظر كما هو معروف, ثم سألوه عن العزل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ذلك الوأد الخفي", العزل هو أن الرجل إذا جامع زوجته وقرب من الإنزال نزع من أجل أن يكون الإنزال خارجًا حتى لا تحمل فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"ذلك الوأد الخفي" الوأد هو دفن الجارية وهي حية وكانوا في الجاهلية يفعلون هذا يئد الرجل ابنته وهي حية إن بعضهم يحفر لها الحفرة فإذا أصاب لحيته شيء من التراب نفضت التراب عن لحيته وهو يدفنها وهي حية هذه طائفة من العرب, طائفة يقتلون أولادهم قتلاً الذكور والإناث أما الأولى التي تئد البنات فإنهم يخافون من العار؛ لأنهم يعيرون بالبنات لهذا جعلوا البنات لله وجعلوا لأنفسهم البنين وأما الثانية فإنما تقتل الأولاد إما خشية الفقر, وإما من الفقر كما في القرآن: {ولا تقتلوا