ومن فوائد الحديث: أنه يجوز السؤال عما يستحيا منه للتفقه في الدين لقوله: "ثم سألوه عن العزل", وهذا أمر يستحيا منه, لكن لابد من معرفته؛ لأنه يتعلق بأمر ديني وقد كانت النساء يسألن رسول الله صلى الله عليه وسلم عن شيء يستحيا منه أكثر من هذا, فإن أم سليم قالت يا رسول الله, المرأة ترى في منامها ما يرى الرجل فهل عليها غسل؟ قال:"نعم إذا رأت الماء" فقالت عائشة: نعم نساء الأنصار لم يمنعه ينبغي للإنسان أن يدع العلم حياء وخجلاً, وقد قال بعض السلف:"لا ينال العلم حيي أو مستكبر". الحيي تجد حياءه يمنعه من السؤال والبحث, والمستكبر كبره يمنعه؛ إذ يجعله الكبر يقول: كيف أسأل؟ إذا سألت قالوا هذا ما يعرف وهذا خطأ.
ومن فوائد الحديث: تحريم العزل؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم سماه وأدًا, والوأد حرام, وإلى هذا ذهب ابن حزم وجماعة من العلماء وقالوا: إن عزل الإنسان عن امرأته حرام سواء رضيت أم لم ترض؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم سماه وأدًا ووصفه بأنه خفي لا يرفع عنه التحريم ولكنه يرفع عنه أن يكون قتل نفس لأن الوأد الظاهر قتل نفس ولاشك في تحريمه, أما هذا فهو وأد خفي يكون حرامًا؛ لأنه وصف بأنه وأد ولا يرتقي إلى درجة الوأد الظاهر الذي هو قتل النفس؛ لأنه وصف بأنه خفي؛ لأن الناس لا يعلمون عنه ويخفى حكمه على كثير من الناس وذلك وأد الظاهر حكمه لكثير من الناس فهو ظاهر من جهة وضوحه للناس وظاهر من جهة معرفة حكمه أما هذا فهو خفي؛ لأنه بين الرجل وبين زوجته؛ ولأنه يخفى حكمه على كثير من الناس ولهذا سأل النبي صلى الله عليه وسلم عنه ولهذا ذهب كثير من أهل العلم إلى جواز العزل لكن اشترطوا شرطين: الأول: أن يكون باتفاق من الطرفين الزوج والزوجة؛ لأن للزوجة حقًا في الولد قد يرغب أن يعزل لتبقى زوجته شبه بكر ولكن الزوجة لا ترغب ففي هذه الحالة لا يجوز له أن يعزل؛ لأن الزوجة لها حق في الولد ولهذا إذا تبين أن الزوج عقيم فإن الصحيح من أقوال أهل العلم أن للمرأة الفسخ لأنها يفوتها ما تريده من الأولاد.
والشرط الثاني: ألا يكون في ذلك ضرر فإن كان في ذلك ضرر إما على الزوج وإما على الزوجة فإنه يمنع, وهذا الضرر قد لا يمكن الإفصاح عنه ولكن يعرفه الزوج وتعرفه الزوجة؛ لأن النزع قبل استكمال اللذة فيه خطورة على الزوج وعلى الزوجة؛ فإذا انتفى الضرر واتفق