ومن فوائده: بيان أن الله عز وجل إذا أراد شيئًا فإن السبب لمنعه لا يفيد؛ لقوله:"لو أراد الله ... "الخ, وما أكثر الذين يعالجون لإزالة الأمراض ولكن يعجزون, وما أكثر الذين يحاولون أن يرتقوا إلى شيء ولكن يعجزون؛ لأن الله لم يرده, وإرادة الله فوق كل شيء.
٩٨٣ - وعن جابر رضي الله عنه قال:"كنا نعزل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم والقرآن ينزل, ولو كان شيء ينهى عنه لنهانا عنه القرآن". متفق عليه.
- ولمسلم:"فبلغ ذلك نبي الله صلى الله عليه وسلم فلم ينهنا عنه". يقول:"كنا نعزل" وسبق معنى العزل, قوله:"على عهد النبي صلى الله عليه وسلم" على عهده أي: على زمنه وقوله: "والقرآن ينزل" الجملة حالية وهي مؤكدة لما سبق؛ لأنه من المعلوم أنهم إذا كانوا على عهد الرسول صلى الله عليه وسلم فإن القرآن ينزل ولكنها مؤكدة لما سبق ولو اقتصر على قوله:"كنا نعزل على عهد الرسول صلى الله عليه وسلم لكنه أكد ذلك؛ يعنى نقول: إن القرآن لم ينقطع بعد حتى يقال: لعله لم ينقل الحكم لانقطاع الوحي وجملة "والقرآن ينزل" حال من الفاعل في قوله: "نعزل". قال: "ولو كان شيئًا ينهى عنه لنهانا عنه القرآن" أي: ولو كان العزل شيئًا فاسم كان مستترًا, وهذه الجملة تسمى عند أهل الحديث في الإصلاح: إدراجاً؛ لأنها ليست من كلام جابر ولكنها من كلام سفيان الذي رواه عن جابر, فتكون هذه الجملة مدرجة وليست من كلام جابر وقوله: "لنهانا عنه القرآن" أضاف النهي إلى القرآن مع أن القرآن كلام ليس ذاتًا تتكلم بل هو صفة فيقال نعم يصح إضافة الفعل إلى القرآن كما قال تعالى: {إن هذا القرءان يقص على بني إسرائيل}[النمل: ٧٦]. مع أن الذي يقص هو الله عز وجل بواسطة القرآن. وفي رواية لمسلم "فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فلم ينهانا عنه", هذه الرواية تفيد أن الحديث مرفوع صريحًا؛ لأنه بلغ النبي صلى الله عليه وسلم واقره. في هذا الحديث فوائد: أولاً: جواز العزل والطريق للاستدلال به على جواز العزل من وجهين: الوجه الأول: اللفظ الأول الذي تجعل الحديث فيه مرفوعًا حكمًا لأنه مضاف إلى عهد النبي صلى الله عليه وسلم
ولم يصرح بأنه بلغه, والوجه الثاني: أنه مرفوع صريحًا, فتكون فيه الدلالة بوجهين بأنه مرفوع حكمًا على اللفظ الأول, وبأن مرفوع صريحًا على اللفظ الثاني. ومن فوائد الحديث: الاستدلال بإقرار الله عز وجل على الحكم لقوله: "ولو كان شيئًا ينهى عنه لنهى عنه القرآن", وهذه الفائدة تفيد طال العلم فيما يذكره بعض العلماء في العلماء في باب المناظرة إذا قيل فعل هذا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم قال: لعله لم يطلع عليه, نقول: افرض أنه لم يطلع عليه لكن