اطلع عليه عز وجل وأقره, والدليل على أن ما خفي على النبي صلى الله عليه وسلم إذا أقره الله يكون ثابتًا أن الذين يخفون المنكر يفضحهم الله لقوله تعالى:{يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله وهو معهم إذ يبيتون ما لا يرضى من القول}[النساء: ١٠٨]. فدل هذا على أن ما خفي على الناس إذا لم ينكره الله فهو حق ثابت إن كان عبادة وإن كان مباحًا فهو مباح.
ومن فوائد الحديث: أن القرآن منزل لقوله: "والقرآن ينزل", وهذا هو مذهب أهل السنة والجماعة أنه منزل غير مخلوق, والمعتزلة يقولون إنه منزل مخلوق كقوله:{أنزل من السماء ماء}[الأنعام: ٩٩]. فالماء مخلوق, وكقوله:{وأنزل لكم من الأنعام ثمانية أزواج}[الزمر: ٦]. والأنعام مخلوقة, وكقوله:{وأنزل الحديد}[الحديد: ٢٥]. والحديد مخلوق, ولكنا نقول الفرق بين الحديد والأنعام والماء وبين الكلام ظاهر جداً؛ الكلام صفة لا يقوم إلا بموصوف والحديد عين بائن منفصلة تقوم بذاتها فتكون مخلوقة وأما ما ذكر إنزاله وهو صفة فلا شك أنه صفة الله عز وجل. ومن فوائد الحديث: الاستدلال بالطريق الذي أشرنا إليه وهو إقرار القرآن يعتبر دليلاً لكنه كما قلت من كلام سفيان وكلام سفيان ليس بدليل؛ لأن سفيان من التابعين والصحيح أن أقوال التابعين غير حجة والعلماء مختلفون في أقوال الصحابة هل هي حجة أو لا؟ والإمام أحمد يذهب إلى أن قول الصحابي حجة بشرطين الأول ألا يخالف النص, والثاني: ألا يخالفه صحابي آخر فإن خالفه صحابي آخر فإنه يطلب الترجيح, وإن خالف النص فهو مرجوح أما التابعي فلا أعلم أحدًا قال إن قوله حجة ولكننا لاشك نستأنس بقول التابعي لأن التابعين عاصروا الصحابة فهم من أعلم الناس بالأدلة الشرعية وأحكام الله الشرعية.
ومن فوائد الحديث: أن أهل العلم-رحمهم الله- إذا علموا بالمرفوع الصريح اغتمنوا فرصة وجود ذلك ولهذا قال: ولمسلم: "فبلغ ... " الخ فأتى بهذه الرواية التي انفرد بها مسلم لما فيها من الفائدة وهي الدلالة على أن الحديث مرفوع صريحًا. ومن فوائد الحديث: الاستدلال بإقرار النبي صلى الله عليه وسلم وسكوته لقوله: "فلم ينهنا".
٩٨٤ - وعن أنس بم مالك رضي الله عنه:"أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يطوف على نسائه بغسل واحد". أخرجاه, واللفظ لمسلم. "كان يطوف" من المشهور عند أهل العلم أن "كان" تفيد الدوام غالبًا, لكنها لا تستلزم الدوام دائمًا هي دالة على الدوام ولكن لا يلزم منها الدوام, فمثلا: