هل كان يطوف كل يوم كل ساعة؟ لا لكن ربما طاف وقد لا يفعل ذلك كما ثبت في الحديث أنه كان يقرأ بالجمعة والمنافقين, والحديث الآخر كان يقرأ بسبح والغاشية ولو قلنا إن "كان" على الدوام دائمًا للزم التعارض بين الحديثين لكنها لاشك أنها تشعر بالدوام لكنها لا تستلزمه. وقوله:"يطوف على نسائه" يعني: الجماع فإن الطواف بالمرأة هو جماعها والدليل على هذا قول سليمان -عليه الصلاة والسلام-: "والله لأطوفن الليلة على تسعين امرأة تلد كل واحدة منهن غلامًا يقاتل في سبيل الله". قوله:"لأطوفن" أي في الجماع, قوله:"بغسل واحد" يعني: لا يغتسل إلا مرة واحدة مع أنه يجامع عدة نساء وقد مات عن تسعة. في هذا الحديث دليل على أمور: الأول: جواز إعادة الجماع بلا غسل ولا وضوء لقوله: "بغسل واحد" فإذا طاف على النساء بغسل واحد من باب أولى أن يكرر الجماع على امرأة واحدة, لكن أقول: بلا وضوء, والحديث لا يدل عليه, هذا فلا يعارضه أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالوضوء إذا أراد الإنسان أن يجامع مرة أخرى؛ لأن الأفضل إذا أراد الإنسان أن يجامع مرة أخرى أن يتوضأ لما في ذلك استعادة الجسم نشاطه بعد أن كسل بالجماع الأول.
ومن فوائد الحديث: جواز تأخير الغسل, وأنه لا تجب المبادرة به؛ لأنه إذا طاف عليهن بغسل واحد فلابد أن يكون هناك فرق في الوقت لأنهن لسن في بيت واحد في بيوت متعددة ومعلوم أن صفية بيتها خارج المسجد, كما ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم لما جاءت عنده في اعتكافه خرج يشيعها وهذا دليل على أن بيتها ليس لاصقًا بالمسجد كبقية البيوت بل هو بعيد عنه. ومن فوائد الحديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يجب عليه القسم, وجهه: أنه كان يطوف عليهم في ليلة واحدة, ولو كان القسم واجبًا عليه لانفرد بواحدة في جميع الليل, ولكن بعض العلماء قال أن هذا ليس فيه دليل وأخذ منه أنه يجوز للرجل أن يجامع زوجاته ولو في ليلة واحدة لأن الجماع ليس هو المبيت يكون المبيت عند من لها الليلة, وأما الجماع فله أن يطوف عليهن لاسيما إذا كانت المرأة التي هو عندها فيها مانع من الجماع كالحيض والنفاس فحينئذ قد يضطر أو يحتاج حاجة شديدة إلى أن يطوف على نسائه, واستدل به بعض العلماء على أن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يجب عليه القسم كما قلنا أولاً, وبناء على هذا القول لا إشكال في الحديث, وقد استدل من قال: إنه لا يجب على النبي صلى الله عليه وسلم القسم بقوله تعالى: {ترجى من تشاء منهن