«لا وكس» وهو النقص و «الشطط» الزيادة، المعنى لا ينقص منه ولا يزاد عليه «وعليها العدة»«ال» للعهد الذهني فيكون المراد بها عدة الوفاة لأن المفارقة هنا بالوفاة أي عليها عدة الوفاة وهي أربعة أشهر وعشرة في هذه المسألة؛ لأن المرأة لم يدخل بها وليست ذات حمل أما لو كانت ذات حمل فعدتها وضع الحمل حتى لو وضعت قبل أن يتم تغسيل زوجها انتهت عدتها لكن هذه المسألة التي معنا ليست حاملًا.
«ولها الميراث» بم أخذ ابن مسعود هذا الفقه من الكتاب والسنة؟ نقول أما بالنسبة لقوله:«لها مثل صداق نسائها» فأخذه من قوله تعالى: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ}[النساء: ٢٤] وهنا لابد من الابتغاء بالمال والمال لم يعين فيرجع إلى قيمة المثل وقيمة المثل بالنسبة للمرأة هو مهر مثلها وأما قوله عليها العدة فلعموم قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا}[البقرة: ٢٣٤]. وأما قوله:«ولها الميراث» فلعموم قوله تعالى: {وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ}[النساء: ١٢]. وهي زوجة فتكون داخلة في هذا العموم فقام معقل بن سنان فقال ... الخ يعني لما سمع هذا الكلام قام يؤيد هذا القول بسنة عن النبي صلى الله عليه وسلم وقوله في بروع بنت واثق؛ «بروع» اسم امرأة ولهذا لم ينصرف والمانع له من الصرف العلمية والتأنيث المعنوي، «امرأة منا» هذه عطف بيان وليست نعتًا لأن «امرأة» نكرة ولا تكون النكرة صفة لمعرفة، «امرأة منا» وإنما قال امرأة هنا ليبين أنه على توكيد من هذه المسألة لأن المرأة إذا كانت منهم فسوف يكون أعلم الناس بها، «بمثل ما قضيت» أي بمثل ما حكمت به فالقضاء هنا بمعنى الحكم ونظيره قوله تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ}[الإسراء: ٢٣]. أي حكم حكمًا شرعيًا ألا تعبدوا إلا إياه «ففرح بها ابن مسعود» لأنها شهدت لكلامه بالحق وأنه موافق للصواب والحديث صححه غير الترمذي وذلك لأن نصوص الشرع تشهد له.
فيستفاد من هذا الحديث: أولًا: فضيلة عبد الله بن مسعود حيث وُفِّق للصواب والإنسان إذا اجتهد ووفقه الله للصواب فإن هذا من نعمة الله عليه ولهذا يعد من مناقب عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه كان موفقًا للصواب يقول الشيء ثم ينزل القرآن بتصديقه وهذه من نعمة الله على العبد أن يوفقه للصواب أحيانًا يقول الإنسان الشيء باجتهاده فإذا به يوافق النص.
ومن فوائد الحديث: جواز الفرح بإصابة الصواب لأن ابن مسعود رضي الله عنه فرح بها، وقد قالت عائشة رضي الله عنها حين تحدثت أن النبي صلى الله عليه وسلم أذن لسوده ليلة عيد الأضحى أن تدفع من مزدلفة بليل ولو استأذنت النبي صلى الله عليه وسلم كما استأذنته سوده كان أحب إلي من مفروح به فإن قال قائل كيف نجمع بين هذا وبين قوله تعالى عن قارون:{إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ}[القصص: ٧٦].
فالجواب عن هذا يسير جدًا: الفرح المذموم هو فرح البطر والأشر أما الفرح المحمود فهو