وهي إقبال الناس على الزواج إذا كانت المهور ميسرة؛ ولهذا نجد الآن الناس في حال سيئة بالنسبة للصداق وكثرته تجد الواحد من الناس يذهب إلى بلاد بعيدة من أجل أن يحصل على زوجة ثم تحصل بعد ذلك المشاكل التي لا نهاية لها.
٩٩٥ - وعن عائشة رضي الله عنها:«أن عمرة بنت الجون تعوذت من رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أدخلت عليه - تعني: لما تزوجها - فقال: لقد عذت بمعاذٍ، فطلقها، وأمر أسامة يمتعها بثلاثة أثوابٍ». أخرجه ابن ماجه، وفي إسناده راوٍ متروكٌ.
- وأصل القصة في الصحيح من حديث أبي أسيدٍ الساعدي.
هكذا ساق المؤلف رحمه الله هذا الحديث عن عائشة وقال: إن فيه راويًا متروكًا، وفي المصطلح أن الراوي المتروك هو من أتهم بالكذب وهو على اسمه متروك لا تقبل روايته، وعجبًا من المؤلف رحمه الله حيث ساق الحديث من هذه الرواية التي ذكر أن فيها راويٍا متروكًا وترك الرواية التي في صحيح البخاري من حديث عائشة، وهو نفسه رحمه الله ذكرها في باب الطلاق، وهذا مما يدل على أن الإنسان مهما بلغ في العلم والحفظ فإنه معرض للنسيان ومعرض للخطأ، والمهم: أن في هذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أسامة فمتعها بثلاثة أثواب وقد قال صلى الله عليه وسلم: «إني لأخشاكم لله وأتقاكم له»، ولهذا لما استعاذت بالله منه تركها مع أنه تزوجها عن رغبة، لكنه صلى الله عليه وسلم يفضل ما يراه الله عز وجل على رغبة نفسه.
ومن فوائد الحديث: أنه ينبغي لمن استعاذ منه بالله أحد أن يعيذه، وقد جاء الأمر في ذلك صريحًا «من استعاذكم بالله فأعيذوه». ولكنه يشترط لذلك ألا يستعيذ بالله من أمر واجب عليه يلزم به؛ لأننا نعلم أن من استعاذ بالله من أمر واجب عليه يلزم به أن الله لا يعيذه، فلو أن رجلًا أمرناه بصلاة الجماعة وعزمنا عليه فقال: أعوذ بالله منكم فإننا لا نعيذه لماذا؟ لأننا نعلم أن الله لا يعيذ من ترك واجبًا، ولو رأينا رجلًا يريد أن يشرب خمرًا فمنعناه فقال أعوذ بالله منكم، فإننا لا نعيذه أيضًا؛ لماذا؟ لأننا نعلم أن الله لا يعيذ من أراد أن يفعل محرمًا وهكذا القاعدة لكن من استعاذ بالله في أمر من حقوقنا نحن أو في أمر مباح فإننا نعيذه بذلك لأنه إنما لجأ واضطر إلى الله فينبغي ألا نحول بينه وبين من لجأ إليه وهو الرب العظيم.