للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو بشاة» , «أولم» يعني: وليمة طعاماً تدعو إليه الناس ولو بشاة, يعني: ولو كان بشيء قليل كالشاة, والشاة قليلة بالنسبة للغني, أما بالنسبة للفقير فإنها كثيرة.

ففي هذا الحديث: دليل على اعتناء النبي صلى الله عليه وسلم بأصحابه وسؤاله عن أحوالهم, ويؤخذ هذا من سؤال النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الرحمن بن عوف.

ومن فوائد الحديث: جواز ذكر الشيء وإن لم يسأل عنه من أجل إطلاع صاحبك على ما عندك لقوله: «على وزن نواة من ذهب» لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يسأل عن المهر وإنما سأل عن سبب الصُفرة التي عليه.

ومن فوائد الحديث: أنه يجوز للرجل أن يتطيب بالطيب الذي يظهر لونه وأنه لا حرج في ذلك, وقد ذكر أهل العلم أنه ينبغي للرجل من الطيب ما ظهر ريحه لا ما ظهر لونه, وأن المرأة بالعكس تتطيب بما ظهر لونه لا ما ظهر ريحه, لأن المرأة يحصل منها الفتنة إذا ظهر منها رائحة الطيب ولكن اللون يعطيها نوعاً من الجمال, ومعلوم أنها لن تكشف هذا الجمال إلا لزوجها ونسائها ومحارمها.

ومن فوائد الحديث: أنه قد جرت العادة بأن المتزوج يتطيب, وذلك لأن الطيب من الأعمال الطيبة ومن الأعمال التي ترغب الرجل في أهله والمرأة في زوجها.

ومن فوائد الحديث: جواز تقدير الذهب بما يختلف إذا كان الأمر مقارباً لقوله: «على وزن نواة من ذهب» , ومعلوم أن النواة يختلف لكنه يختلف اختلافاً متقارباً.

ومن فوائد الحديث مشروعية الدعاء للمتزوج بالبركة؛ لقوله «بارك الله لك» , والبركة هي الخير الكثير الواسع, مأخوذة من البركة وهي مقر الماء الكثير الكبير.

ومن فوائد الحديث: جواز الاقتصار على بعض الدعاء المشروع وهو «بارك الله لكما وبارك عليكما وجمع بينكما في خير» فهنا اقتصر النبي صلى الله عليه وسلم على بعض الدعاء ولا بأس بذلك.

ومن فوائد الحديث: أن الأمر في هذه الأمور واسع, فلو قال: «بارك الله لكما وبارك عليكما وجمع بينكما في خير» فحسن, ولو قال: «بارك الله لك» فحسن, ولو قال: «الله يبارك لك» فحسن, ولو قال: «مبروك الزواج» فحسن, وإن كان بعض الناس يقول: إن "مبروك" من بركة الناقة, يعني: بُروك البعير لأن بركة الناقة فعل متعد, والفعل المتعدي لا يصاغ منه اسم المفعول إلا بواسطة, ولهذا كان من علامة الفعل المتعدي: صحة صوغ اسم المفعول منه, فـ"جاء" مثلاً لا يمكن أن تصوغ منه اسم المفعول إلا متعديًا بحرف الجر, مثل: "جيء إليه" المهم أن كلمة "مبروك" عند العامة سواء صحت لغة أو لم تصح فإن معناها: الدعاء بحلول البركة فيما حصل له, ولكن الصحيح أن هذه الكلمة "مبروك" لا تصح لغة, وإن كان قد جرى استعمالها على ألسنة العامة,

<<  <  ج: ص:  >  >>