فيجب أن ينظر إلى المصلحة إن كانت المصلحة في الإجابة أجاب, وإن كانت المصلحة في عدم الإجابة فلا يجب.
*إذن نقول شروط إجابة الدعوة:
يشترط ألا يكون في مكان الدعوة منكر, فإن كان فيه منكر نظرنا إن كان لا يقدر على تغييره حرمت الإجابة, وإن كان يقدر وجبت الإجابة, من وجهين, أما إذا كان المنكر ليس في المكان الذي دعيت إليه وإنما في مكان آخر وإنما هو مصاحب للوليمة فقد قال العلماء: إنه يخير, وعلى هذا فتقول: انظر ما فيه مصلحة, إن كانت المصلحة في الحضور فاحضر وإلا فلا تحضر.
الثاني: يشترط أن يكون الداعي مسلماً, فإن كان غير مسلم لم تجب الإجابة.
الثالث: يشترط ألا يكون مبتدع بدعة تلحقه بالفساق أو الكفار, فإن كان مبتدعاً كذلك فإنه لا يجاب لما في ذلك من تعزيز جانبه ورفع معنوياته.
الرابع: يشترط ألا يكون المال حراماً, فإن كان المال حراماً فإنه لا يجوز له الإجابة مثل: أنا أعلم أن هذا الرجل الذي دعاني إلى الوليمة قد سرق الغنم التي ذبحها فهنا لا تجوز الإجابة, أما إذا كان مما يتعامل بالحرام فإن الإجابة جائزة وليست بواجبة ولا حراماً, ودليل ذلك: أن النبي صلى الله عليه وسلم أجاب دعوة اليهودي, وأكل من الشاة التي أهدتها له المرأة اليهودية مع أن المعروف عن اليهود أنهم كانوا يأخذون الربا ويأكلون السُحت, ففرق بين أن يكون الشيء محرماً بعينه أو محرماً بكسبه, فالمحرم بعينه لا يجوز لك أن تأكله, مثاله: أنا أعلم أن هذا الرجل سرق الغنم أو سرق الطعام وطبخه فهذا لا يجوز أن أجيبه, لأنني سوف آكل حراماً بعينه, الحرام بكسبه مثل أن يكون الداعي ممكن يتعامل بالربا أو بالغش أو بالكذب فهنا الإجابة جائزة ليست حراماً ولا واجبة, ولكنه إذا كان في عدم إجابته مصلحة بحيث يتوب عما هو عليه فحينئذٍ يتعين عدم الإجابة, لأن لدينا قاعدة في المباح كل مباح يكون مباحاً في حد ذاته, لكن إذا كان وسيلة إلى واجب صار واجباً أو إلى محرم صار محرماً أو مستحباً صار مستحباً أو مكروهاً صار مكروهاً, لأن المباح تتعاوره الأحكام الخمسة بحسب ما يكون وسيلة له.
الخامس: أن يكون ذلك في أول مرة, فإن كان قد أولم ثم أعاد الوليمة أو أعاد المرة الثالثة فإن هذا لا تجب إجابته, كما سيأتي في الأحاديث في غير الوليمة.
هل إجابة الداعي واجبة؟ في هذا خلاف بين العلماء؛ فالظاهرية يرون أن إجابة الدعوة واجبة إذاً تمت الشروط التي ذكرناها, وغيرهم يرى أنها ليست بواجبة ولكنها مستحبة بخلاف وليمة العُرس.