بقى علينا شرط يمكن أن تجعله شرطاً سادساً وهو ألا يلحق المدعو ضرر, فإن لحقه ضرر فإن الواجب يسقط, لأنه إذا كانت الطهارة بالماء وهي شرط لصحة الصلاة إذا تضرر بها الإنسان سقطت عنه فما بالك بهذه!
٩٩٨ - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «شر الطعام الوليمة: يمنعها من يأتيها, ويُدعى إليها من يأباها, ومن لم يُجب الدعوة فقد عصى الله ورسوله». أخرجه مسلم.
"شر" مبتدأ, و"طعام الوليمة" خبره, ويجوز العكس أن يكون "طعام الوليمة" مبتدأ, و"شر" خبره مقدم, "يمنعها من يأتيها" أي: يمنع منها من أن يأتيها وهم الفقراء, "ويدعى إليها من يأباها" وهم الأغنياء, "ومن لم يُجب الدعوة فقد عصى الله ورسوله".
قوله صلى الله عليه وسلم: «شر الطعام طعام الوليمة» ليس هذا على إطلاقه بل هو مقيد بما ذكره بعده وهو «يمنعها من يأتيها ويدعى إليها من يأباها» أي: الوليمة التي لا يُدعى إليها إلا الأغنياء ويمنع منها الفقراء فهي شر الطعام, وأما الوليمة التي يتمشى فيها الإنسان على ما جاءت بها السنة فهي خير الطعام, لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بها, وأقل أحوال الأمر الاستحباب, وما كان مستحباً لا يمكن أن يُوصف بأنه شر, إذن فقوله: «شر الطعام طعام الوليمة» المراد الوليمة التي يدعى إليها الأغنياء ويترك الفقراء.
في هذا الحديث فوائد منها: وجوب إجابة الدعوة إلى الوليمة, لقوله: «ومن لم يجب فقد عصى الله ورسوله».
ومن فوائده: أن أمر النبي صلى الله عليه وسلم أمر من الله لقوله: «فقد عصى الله ورسوله» ونحن لا نرى في القرآن أن الله أمر بإجابة الدعوة في الوليمة, وإنما الذي أمر الرسول صلى الله عليه وسلم فيكون أمر الرسول من أمر الله عز وجل.
ومن فوائد الحديث: جواز قرن الرسول صلى الله عليه وسلم مع الله في الأحكام الشرعية, لقوله: «فقد عصى الله ورسوله» , وأمثلته كثيرة, بخلاف الأمور الكونية المتعلقة بالربوبية فإنه لا يجوز أن يقرن الرسول باسم الله بحرف يدل على الاشتراك, ولذلك لما قال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم: ما شاء الله