للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: «ثلاث ليالٍ» يراد بها: الليالي والأيام, والعرب تطلق الأيام وتريد بها الأيام والليالي, وتطلق الليالي ويراد بها الليالي والأيام, إلا إذا وجد قرينة, مثل: «صم ثلاثة أيام» , فهنا الليل لا يدخل قطعاً, لكن {واذكروا الله في أيامٍ معدودات} [البقرة: ٢٠٣]. يدخل فيها الليالي.

وقوله: «فدعوت المسلمين إلى وليمته» يعني: أنه طلبهم, وكان الرسول صلى الله عليه وسلم أكرم الناس, فكان أنس يدعو من لقيه هلم إلى وليمة النبي صلى الله عليه وسلم «فما كان فيها من خبز ولا حلم» , يعني أنها وليمة بسيطة, يعني: خفيفة يسيرة ليس فيها خبز ولا لحم, «ومن خبز ولا لحم» أظننا أننا لا نشط في إعرابها أن "مِن" زائدة, وأن «خبز» اسم كان, والأصل: فما كان فيها خبز ولا لحم, «وما كان فيها إلا أن أمر بالأنطاع» جمع نطع وهي الجلود, "فبسطت": يوضع عليها الطعام.

وقوله: «فألقى عليها التمر والأقطِ والسمن» , ظاهر الحديث: أن كل واحد على حدة, والأقط هو اللبن المجفف, السمن معروف, التمر معروف, هل المعنى: أن الأقط موضوع في إناء, والسمن في إناء, والتمر في إناء أو أنها مخلوطة؟ يُحتمل, لكن الظاهر المعروف عند العرب أنها مخلوطة يُخلط السمن والأقط والتمر ويُوضع على النار حتى يسخن ثو يؤكل, وهو من ألذ الأكلات التمرية, وربما يجعل بدل الأقط الدقيق, وهذا هو المعروف عند الحضر فهم لا يعرفون الأقط, لأنه قليل عندهم, فيجعلون بدل الأقط دقيقاً, ويسمى حَيساً, لأنه يحاسي بعضه مع بعض.

على كل حال: هذه وليمة الرسول صلى الله عليه وسلم على زوجته صفية, وفي الأول: «مُدَّين من شعير» , إذن الوليمة تختلف بحسب الحال.

يستفاد من هذا الحديث: جواز الدخول على المرأة في السفر لدخول الرسول صلى الله عليه وسلم على صفية بين المدينة وخيبر.

ومن فوائده: أنه ينبغي أن يُبنى خيمة خاصة للزوج وأهله, لفعل الصحابة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ومن فوائد الحديث: أنه لا ينبغي الحياء أن يبنى للإنسان خيمة خاصة من بين القوم إذا كان ذلك من أجل الزواج, قد يستحيي بعض الناس ويقول كيف أختص وحدة بخيمة؟

فنقول: لست أشد حياء من رسول الله صلى الله عليه وسلم, ومع ذلك بُني له خيمة أمام الناس ولا حرج أن يخبر الإنسان الناس: بأنه قد تزوج, كما لا بأس أن يبنى له خيمة يبني بها بأهله.

ومن فوائد الحديث: جواز التوكيل في الدعوة للوليمة لقول أنس: «فدعوت المسلمين إلى وليمته».

ومن فوائد الحديث: أن ولائم الرسول صلى الله عليه وسلم ليست ولائم صعبة, بل بحسب الحال, فمرة أولم بمدين من شعير.

<<  <  ج: ص:  >  >>