المشاركة في الطعام لا تجوز, وأيضًا ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان ذات يوم على طعام هو وأصحابه فجاءت جارية بنت صغيرة كأنما تدفع دفعاً فألقت بيدها إلى الطعام فامسك بها النبي صلى الله عليه وسلم, وأمرها أن تسمى وقال إن الشيطان قد دفعها دفعاً لتأكل بدون تسمية حتى تشاركهم في الطعام, وأخبر أن يدها ويد الشيطان بيد النبي صلى الله عليه وسلم, فهذا يدل على أن الأمر للوجوب, وهو كذلك.
فيجب على الإنسان أن يسمي على الأكل وجوباً, فإن لم يفعل فهو آثم وراضٍ بمشاركة الشيطان له في طعامه, فإن نسي سمى حين يذكر يقول: باسم الله أوله وآخره أو "بسم الله" فقط.
وقوله: «يا غلام سم الله» يقتضي أنه لا تكفي التسمية من واحد عن الجميع, ووجه الدلالة: أن النبي صلى الله عليه وسلم سيكون قد سمى على الطعام ومع ذلك أمر هذا الغلام أن يسمي, وهذا فيما إذا كان الثاني لم يسمع تسمية الأول ظاهرة؛ يعني: بأن جاءوا متتابعين لم يجلسوا على الطعام مرة واحدة, فالثاني: الذي جاء لابد أن يسمي, لكن إذا كان جلوسهم على الطعام واحداً وسمى أحدهم تسمية أسمعها الآخرين فهل يجزي؟ يرى بعض العلماء أن بجزيء؛ لأن هذه التسمية تمنع مشاركة الشيطان فهي عندهم سنة كفاية, والذي يظهر من النصوص: أن لكل إنسان تسمية, ووجهه: هذا الحديث الذي معنا فإن الظاهر أن الغلام كان مع النبي صلى الله عليه وسلم, وإذا قدم الطعام فإنه سيشارك فوراً.
وقوله: "سم الله" هل هذا يدل على أنك لا تزيد على قول "باسم الله"؟ يحتمل أن تكتفي بقول: "باسم الله" ولا شك أن هذا كافٍ, لكن هل ننكر على من قال: «بسم الله الرحمن الرحيم؟ » لا, لا ننكر, لأن بسم الله الرحمن الرحيم تسمى تسمية فلا ننكر, لكن بعض أهل العلم قال: إنك لا تقول أو لا تزيد «الرحمن الرحيم» على الذبيحة, لأن الرحمة تقتضي العطف والحنان وأنت الآن تريد أن تذبح فلا مناسبة بين هذا وهذا, وعندي أن في هذا التعليل نظراً, ووجهه: أن من رحمة الله بنا نحن -ونحن أشرف من الحيوان- أن أحل لنا أن نذبح هذه البهيمة لمصالحنا فهو في الحقيقة رحمة وكأنك تشير بقولك: الرحمن الرحيم إلى رحمة الله بنا فإنه لرحمته بنا أحل لنا هذه الذبيحة.
وقوله: «كل بيمينك» هذا أمر, والمراد باليمين: اليد اليمنى, فأمره أن يأكل باليمين والأمر هنا هل للوجوب أو للاستحباب؟ فيه الخلاف السابق في قوله: «باسم الله» فمن العلماء