ومن ذلك: الهدية, فقد جاء في الحديث: «تهادوا تحابوا» , ومن ذلك أيضاً: الإحسان إلى الناس بالمال أو بالجاه فإن هذا يجلب المحبة, ومن ذلك: الزيارات فإنها تجلب المحبة, ومن ذلك: عيادة المريض فإنها تجلب المحبة وهي أشد جلباً من الزيارات المعتادة, لأن المريض يفرح فرحاً عظيماً بمن يعوده فيجد في قلبه محبة له هذه أسباب, ولكن هذه الأسباب قد يكون لها موانع ليس كل سبب يؤثر ويُؤثر مفعوله قد يكون لها موانع, الموانع أما من الإنسان نفسه أو من الله عز وجل, بأن يلقي الله في قلب هذا الرجل عدم المحبة لشخص ولو كان يفشي السلام معه, ولو كان يهدي إليه, ولو كان يزوره, لأن هذا شيء من الله, ولهذا قال: «فيما تملك ولا أملك».
هذه المسألة -مسألة المحبة- لا يمكن للإنسان أن يتحكم فيها, ولكن ما يتفرع عن المحبة وهو الجماع, هل يجب على الإنسان أن يعدل بين زوجاته في الجماع؟ يقول العلماء: إنه لا يجب؛ لأن الجماع يتبع المحبة, فإذا كان يحب واحدة أكثر من الأخرى فسوف تكون رغبته في جماعها أكثر من جماع الأخرى لاشك, وربما لا يميل إلى الأخرى من هذه الناحية إطلاقاً, لاسيما إذا كان ضعيف الشهوة, لأنه لا يتحمل أن يعطي هذه وهذه, فتجده يفرط كثيراً في حق الأخرى التي محبتها أقل من محبة الثانية, ولهذا قال العلماء: لا يجب العدل بين النساء في الجماع؛ لأن ذلك يتبع المحبة ولا طاقة للإنسان بالتحكم في المحبة, ولكن الصحيح في هذه المسألة أنه قد يمكن العدل في الجماع مثلاً إذا كان الإنسان يوفر نفسه للثانية ويتصدد ويعرض عن جماع الأولى, لأن بعض الناس يتصدد عن جماع إحدى الزوجتين, لأن الرغبة فيها قليلة ويقول بدلاً من أن أتعب نفسي في جماعها أجعل الجماع للأخرى فهذه لا أجامعها أبداً, وهذه أجامعها في الليلة مرتين, نقول: إذا كان الإنسان يتقصد هذا فإن ذلك حرام ولا يعارض هذا الحديث: «فلا تلمني فيما تملك ولا أملك» لأن هذا ما يملكه, فإذا كان يوفر شهوته للأخرى فلا يجوز, وهذا الذي ذكره ابن القيم, في "زاد المعاد" هو الصحيح, فأما أن تقول: لا يجب العدل في الجماع على الإطلاق فهذا فيه نظر.
في هذا الحديث فوائد منها: حسن خلق النبي صلى الله عليه وسلم: حيث كان يقسم لنسائه ويعدل.