ففي هذا الحديث فوائد: منها: حسن خلق النَّبي صلي الله عليه وسلم ومعاملته لأهله، وقد قال صلى الله عليه وسلم حاثًا أمته على أن يكونوا لأهلهم خيرًا:"خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي"، ومن تدبر سيرته في معاملته لأهله وجد أن هذا منطبق تمامً على حاله.
ومن فوائد الحديث: أنه ينبغي للإنسان أن يقتدي برسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا بحيث يكون مع أهله لينًا هينًا أليفًا لا يبعد عنهم.
ومن فوائد الحديث: أنه يجوز لمن له عدة زوجات أن يمر عليهن كل يوم، وأن ذلك لا يعد جورًا في القسم لفعله صلى الله عليه وسلم؛ لأننا نعلم أن الرسول صلى الله عليه وسلم أقوم الناس عدلاً ومع ذلك كان يدور على نسائه.
ومنها: أنه كلما قرب الإنسان من أهله ازدادت المودة بينهم والألفة، وهذا أمر مشاهد، وكلما بعد فإنها قد تحصل الجفوة.
ومن فوائد الحديث: أنه لا يجامع المرأة الَّتي ليس في يومها لقولها: "من غير مسيس"، وكما قلنا: إن المسيس هو الجماع.
ومن فوائد الحديث: أن عماد القسم المبيت؛ يعني: الليل لقولها: "حتى يبلغ التي هي يومها فيبيت عندها" وهو كذلك فإن عماد القسم الليل، قال العلماء: ويستثنى من ذلك ما إذا كان معاش الرجل في الليل فإنه يكون عماده النهار مثل من معاشه الليل كالحارس وكالجنود الآن فإنهم يكونون بالنوبات.
ومن فوائد الحديث: أن الرسول صلى الله عليه وسلم على كثرة مشاغله وأنه إمام الأمة وسلطانها وحاكمها لا يهمل حق أهله؛ حيث يدور على تسع نسوة أو ثمان نسوة في كل يوم، وهذا لا شك أنه مما يجعله الله- سبحانه وتعالى- من البركة في عمر الإنسان، فإن كثيرًا من الناس يضيع عليه الوقت وإذا حاسب نفسه عند النوم وجد أنه لم يعمل شيئًا، وبعض الناس يبارك الله له في يومه وفي عمره، فإذا حاسب نفسه عند النوم وجد أنه عمل وعمل.
فإذا قيل: ما هو السبيل الذي يجعل أوقاتنا مباركة؟
قلنا: ذكر الله ودليل ذلك قول الله تعالى: {ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطًا}[الكهف: ٢٨]. فالإنسان إذا أعرض عن ذكر الله واتبع هواه نزع البركة من عمره- والعياذ بالله- لكنه إذا كان دائمًا متعلقًا بربه دائمًا يذكر الله بقلبه، إن لم يذكره بلسانه ذكره بقلبه، إن لم يذكره بجوارحه ذكره بقلبه، فهذا هو الَّذي يبارك الله له في عمره.