يستفاد من الحديث: حسن معاشرة زوجات النبي للنبي صلى الله عليه وسلم.
ويفهم منه أيضًا: أن الإيمان أقوى من الغيرة لموافقة أزواج النَّبي صلى الله عليه وسلم للنبي في تمريضه في بيت عائشة، هل يجوز لغير النَّبي من المرضي أن يفعل مثل ما فعل النَّبي صلى الله عليه وسلم؟ نعم، هل الدليل على ذلك التأسي به؟ نعم.
ومن فوائد الحديث: أن النَّبي صلى الله عليه وسلم بشر تجري عليه أحكام البشرية لقولها: "في مرضه"، فهو يمرض ويجوع ويبرد ويحتر وينسي، كل الطبيعة البشرية تعتريه- عليه الصلاة والسلام-.
ومن فوائده: الرد على من قال إن الرسول صلى الله عليه وسلم نور، وأنه لا ظل له؛ لأن كونه يمرض ويسأل ويتحدث يدل على أنه كغيره من الأجساد، جسم كثيف يحجب الشمس، إذا حال بينها وبين الأرض فيكون له ظل.
ومن فوائد الحديث: أن الرسول صلى الله عليه وسلم مات لقولها: "الَّذي مات فيه"، وهذا الموت حقيقي لكنه موت البدن، وأما البرزخ فهو حي في قبره صلى الله عليه وسلم.
ومن فوائد الحديث: كمال عدل النَّبي صلى الله عليه وسلم حيث يسأل: أين أنا غدًا؟ مع العلم أنه يحب عائشة أكثر من غيرها، وهذا مشهور عند نسائه.
ومن فوائد الحديث: العمل بالقرائن؛ لأن النساء فهمن من ذلك أنه يريد يوم عائشة؛ ولهذا قلن: يريد يوم عائشة، فالعمل بالقرائن ثابت شرعًا، ومنه قصة يوسف حين دعته امرأة العزيز إلى نفسها فأبى ثم اتهمته فشهد شاهد من أهلها: {إن كان قميصه قد من قبل فصدقت وهو من الكاذبين (٢٦) وإن كان قميصه قد من دبر فكذبت وهو من الصادقين} [يوسف: ٢٦ - ٢٧]. لأنه إذا قد من قبل دل على أنه هو الطالب وأنها مزقت ثوبه عند فرارها منه، وإذا كان قد من دبر من الخلف- دلَّ على أنه هو المطلوب وأنه هارب وهي التَّي لحقته، فهذه قرينة فكانت القرينة تدل على أنها هي الطالبة:{فلما رءا قميصه قد من دبر قال إنه من كيدكن إن كيدكن عظيم}[يوسف: ٢٨]. إذن العمل بالقرائن ثابت شرعًا، وهو من أفضل ما يستعين به القاضي على معرفة المبطل، وإذا أوتي الإنسان فهمًا في هذه الناحية حصل له فوز كبير، أرأيتم قصة المرأتين الصغرى والكبرى خرجتا ذات يوم ومعهما ابناهما فأكل الذئب ابن الكبيرة، فادعت الكبيرة أن الابن الباقي ولدها، فاحتكمتا إلى داود فحكم به للكبيرة، ثم خرجتا من عنده فمرتا بسليمان فلعله رأى من حالهما ما رأى فسألهما فأخبرتاه الخبر، فقال لهما: الحكم عندي فدعا بالسكين ليشقه، فأما الكبرى فوافقت، وأما الصغرى فمانعت، فحكم به للصغرى، كيف حكم به للصغرى؟ لأن