للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفيه: رد على ما يروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه لا ظل له، يقولون: إن الرسول صلى الله عليه وسلم يمشي في النهار في الشمس ولا يكون له ظل، لماذا؟ لأنه نور، وبناء على ذلك يكون في الليل كأنه شمعة يمشي في السوق، ولعمر الله إنه لشمعة لكن ليست شمعة النور المادي الحسي لكنه شمعة النور المعنوي الذي يسعد به الناس في دنياهم وأخراهم، فهذا الحديث الذي يروي باطل؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم كغيره من البشر جسمه كثيف يحجب النور، وليس جسمه مادة نور بل كسائر

الأجسام.

ومن فوائد الحديث: أن النَّبي صلى الله عليه وسلم مات موتًا حقيقيًا لقولها: "مرضه الَّذي مات فيه" وهذا نص القرآن: {إنك ميت وإنهم ميتون} [الزمر: ٣٠]. {وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد أفإين مت فهم الخالدون} [الأنبياء: ٣٤]. {وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإين مات أو قيل انقلبتم على أعقابكم} [آل عمران: ١٤٤].

وفي هذا إبطال لما يدعيه بعض الجهال الذين يصنعون المولد في شهر ربيع الأول، ثم يجتمعون على ذكر مشروع وغير مشروع، ثم يقومون قيام رجل واحد يقولون: وعليك السلام مرحبًا بالحضرة النبوية، ويدَّعون أنه حضر، وهذا لا شك أنه من الشيطان إن كانوا يرون شيئًا فهو شيطان.

وقد يقول قائل: كيف يتصور الشيطان بالنبي صلى الله عليه وسلم؟

نقول: خيِّل إليهم أنه النَّبي ولكنه ليس على صفة النَّبي، الشيطان لا يستطيع أن يتصور بصورة النَّبي صلى الله عليه وسلم لا في اليقظة ولا في المنام، لكنهم يخيَّل إليهم هذا فيفعلون ذلك، هذا يتبين به ضلال هؤلاء ضلالهم دينًا وسفههم عقلاً.

فإن قال قائل: كيف تقولون إنه ميت والشهداء أحياء عند ربهم يرزقون، والأنبياء أعلى مقامًا من الشهداء، ورسول الله صلى الله عليه وسلم في قمة المقام بالنسبة للأنبياء؟

فالجواب أن نقول: إن الحياة حياتان حياة دنيوية مادية، فهذه فقدت بموت النَّبي صلى الله عليه وسلم وغيره ممن مات، وحياة برزخيَّة غير معلومة لنا وهي تخالف الحياة الدُّنيا هي مجهولة، لكن نعلم أنها تخالفها لا يحتاج فيها الإنسان إلى أكل ولا شرب ولا نوم ولا غيره مما يحتاجه الأحياء في الدُّنيا، ولو كان الرسول حيَّا حياة دنيوية لكان الصحابة- والعياذ بالله- من أشد الناس عقوقًا للرسول صلى الله عليه وسلم لماذا؟ لأنهم وأدوه ودفنوه وهو حيُّ بل هو مات صلى الله عليه وسلم موتًا حقيقيًا فارقت روحه جسمه، ثُّم تعود إليه بعد دفنه حياة برزخية غير معلومة الصفة لكننا نعلم أنها تخالف الحياة الدُّنيا، وبهذا نتخلص من قول من يقول: إنه حيُّ يرزق، سبحان الله! هل أنت بعته صاعًا؟ بعته أي شيء؟ كيف حيُّ يرزق؟ هو حيُّ يرزق لكن رزق غير الرزق المادي الذَّي في الدُّنيا: {بل أحياء عند ربهم يرزقون} [آل عمران: ١٦٩]. انتبه للعنديَّة، هذه تخالف جميع الحياة الدُّنيا.

<<  <  ج: ص:  >  >>